الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } * { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ }

قوله تعالى: { إنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللهُ وَرَسُولُهُ } وذلك أن عبد الله بن سلام وأصحابه قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن اليهود أظهروا لنا العداوة وحلفوا أن لا يخالطونا في شيء ومنازلنا فيهم بعيدة من المسجد ولا نجد محدثاً دون هذا المسجد فنزلت هذه الآية { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } يقول: حافظكم وناصركم الله ورسوله { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } فقال: يا رسول الله رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين. وقال الضحاك: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة أتاه بنو أسد بن خزيمة وهم سبعمائة رجالهم ونساؤهم فلما قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله اغتربنا وانقطعنا عن قبائلنا، وعشيرتنا فمن ينصرنا؟ فنزل { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ }. ثم قال: { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلـٰوةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـٰوةَ } قال ابن عباس: وذلك " أن بلالاً لما أذّن وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في المسجد يصلون بين قائم وراكع وساجد فإذا هو بمسكين يسأل الناس فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: هل أعطاك أحد شيئاً؟ قال: نعم قال: ماذا؟ قال: خاتم فضة، قال: ومن أعطاك؟ قال: ذلك المصلي، قال في أي حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع فنظر فإذا هو عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على «عبد الله بن سلام» { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلـٰوةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـٰوةَ } { وَهُمْ رَاكِعُونَ } " يعني يتصدقون في حال ركوعهم حيث أشار بخاتمه إلى المسكين حتى نزع من أصبعه وهو في ركوعه. ويقال يراد به جميع المسلمين أنهم يصلون ويؤدون الزكاة ثم قال: { وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } يعني يجعل الله ناصره ويجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ } يعني جند الله { هُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } قال محمد بن إسحق نزلت هذه الآية في «عبادة بن الصامت» حين تبرأ من ولاية اليهود يعني يهود بني فينقاع وتولى الله ورسوله فأخبر الله تعالى: أن العاقبة لمن يتولى الله ورسوله فإن الله ينصر أولياءه ويبطل كيد الكافرين فذلك قوله تعالى: { فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } يعني هم الظاهرون على أعدائه والعاقبة لهم.