الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوۤاْ آمَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } * { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } * { قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ }

وقوله تعالى: { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ } يعني ألهمتهم وألقيت في قلوبهم ويقال: أوحيت إلى عيسى ليبلغ الحواريين: { أَنْ آمِنُواْ بِي } يعني صدقوا بتوحيدي { وَبِرَسُولِي } فلما أبلغهم الرسالة { قَالُواْ: ءامَنَّا } يقول: صدقنا بهما { وَٱشْهَدْ } يا عيسى { بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ }. أي مقرون ويقال: هذا معطوف على أول الكلام إذ قال الله يا عيسى وقال له أيضاً: وإذا أوحيت إلى الحواريين يعني ألهمتهم. وقال مقاتل: يقوم عيسى خطيباً يوم القيامة بهذه الآيات ويقوم إبليس خطيباً لأهل النار بقوله:إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ... } [إبراهيم: 22] الآية. قوله تعالى: { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ: يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ }. قرأ الكسائي: بالتاء (هل تستطيع ربَّك) وبنصب الباء وقرأ الباقون بالياء وبضم الباء فمن قرأ: بالتاء (هل تستطيع ربك) معناه هل تستطيع أن تدعو ربك، ومن قرأ: بالياء، معناه: هل يجيبك ربك؟. { أَن يُنَزّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } وذلك أن عيسى لما خرج اتبعه خمسة آلاف أو أقل أو أكثر، بعضهم كانوا أصحابه، وبعضه كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم لمرض كان بهم أو علة أو كانوا زمنى أو عمياناً وبعضهم كانوا ينظرون ويستهزئون، وبعضهم نظارة فخرج إلى موضع فوقعوا في مفازة ولم يكن معهم نفقة فجاعوا فقالوا للحواريين: قولوا لعيسى حتى يدعو الله تعالى بأن ينزل علينا مائدة من السماء فجاءه شمعون فأخبره أن الناس يطلبون بأن تدعو الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء فـ { قَالَ } عيسى: قل لهم { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }. ويقال: هذا القول للحواريين: قل لهم اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، فلا تسألوا لأنفسكم البلاء فأخبر شمعون بذلك القوم فـ { قَالُواْ } لشمعون قل له: { نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا } يعن المائدة { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } يعني تسكن قلوبنا إلى ما دعوتنا إليه { وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا } بأنك نبي { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ }. لمن غاب عنا ولمن بعدنا فقام عيسى وصلى ركعتين.