الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } * { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً }

قوله تبارك وتعالى: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } يعني قضينا لك قضاء بيناً، أكرمناك بالإسلام والنبوة، وأمرناك بأن تدعو الخلق إليه، قال مقاتل: وذلك أنه لما نزل بمكة { وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } وكان المشركون يقولون لم تتبعون رجلاً لا يدري ما يفعل به ولا بمن تابعه، فلما قدم المدينة، عيرهم بذلك المنافقون أيضاً، فعلم الله تعالى ما في قلوب المؤمنين من الحزم وما في قلوب الكافرين من الفرح فنزل { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } يعني قضينا لك قضاء بيناً { لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فقال المؤمنون: هذا لك، فما لنا؟ فنزللِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } [الفتح: 5] الآية، فقال المنافقون فما لنا؟ فنزلوَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتِ } [الفتح: 6] الآية، وقال الزجاج: إنا فتحنا لك، يعني فتح الحديبية، والحديبية بئر سمي المكان بها، والفتح: هو الظفر بالمكان كان بحرب أو بغير حرب، قال ومعنى الفتح: الهداية إلى الإسلام، وكان في فتح الحديبية معجزة من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنها بئر فاستسقى جميع ما فيها من الماء، ولم يبق فيها شيء فمضمض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم مجه فيها فدرّت البئر بالماء، ثم قال: { لّيَغْفِرَ لَكَ } قال بعضهم هذه لام كي، فكأنه قال: لكي يغفر لك { ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ } يعني ذنب آدم { وَمَا تَأَخَّرَ } يعني ذنب أمتك، وقال القتبي: هذه لام القسم فكأَنه قال { لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } ويقال ما كان قبل نزول الوحي وما كان بعده قوله تعالى { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } بالنبوة وبإظهار الدين { وَيَهْدِيَكَ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } يعني يثبتك على الهدى وهو طريق الأنبياء { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ } يعني لكي ينصرك الله على عدوك { نَصْراً عَزِيزاً } بإظهار الإسلام.