الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } * { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله تعالى { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث خرت الأصنام على وجوهها في تلك الليلة، فصاح إبليس صيحة فاجتمع إليه جنوده فقال لهم: قد عرض أمر عظيم امضوا فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، يعني امشوا وانظروا ماذا حدث من الأمر، وروى ابن عباس، أنه لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - حيل بين الشياطين وبين السماء وأرسل عليهم الشهب، فجاؤوا إلى إبليس فأخبروه بذلك، قال هذا الأمر حادث اضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فجاء نفر منهم فوجدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي تحت نخلة في سوق عكاظ ومعه ابن مسعود وأصحابه، وكان يقرأ سورة طه في الصلاة، وروى وكيع عن سفيان عن عاصم، عن رجل، عن زر بن حبيش في قوله تعالى: { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنِّ } قال كانوا تسعة أحدهم زوبعة أتوه ببطن نخلة { يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْءانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ } وروى عكرمة عن الزبير قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العشاء الأخيرة، فلما حضروا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم لبعض: أنصتوا للقرآن واستمعوا { فَلَمَّا قُضِىَ } يعني فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من القراءة والصلاة { وَلَّوْاْ } يعني رجعوا { إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } قال مقاتل يعني المؤمنين، وقال الكلبي يعني مخوفين، وقال مجاهد: ليس في الجن رسل، وإنما الرسل في الإنس والنذارة في الجن، ثم قرأ { فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } يعني أنذروا قومهم من الجن { قَالُواْ قومنا إِنَّا سَمِعْنَا } من محمد - صلى الله عليه وسلم - { كِتَـٰباً } يعني قراءة القرآن { أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } يعني أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني موافقاً لما قبله من الكتب { يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقّ } يعني يدعو إلى توحيد الله تعالى من الشرك كما هو في سائر الكتب { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } لا عوج فيه، يعني دين الله تعالى وهو الإسلام { يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ } يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وَآمِنُواْ بِهِ } يعني صدقوا به وبكتابه { يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } وَمِنْ: صلة في الكلام، يعني يغفر لكم ذنوبكم إن صدقتم وآمنتم { وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } يعني يؤمنكم من عذاب النار { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ } يعني من لم يجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يدعو إليه من الإيمان { فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلأَرْضَ } يعني لا يستطيع أن يهرب في الأرض، من عذاب الله تعالى، ويقال معناه فلن يجد الله عاجزاً عن طلبه { وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } يعني ليس له أنصار يمنعونه مما نزل به من العذاب { أُوْلَـٰئِكَ فِى ضَلَـٰلٍ } يعني في خطأ { مُّبِينٌ } وذكر في الخبر: أنهم لما أنذرهم وخوفهم جاء جماعة منهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة فلقيهم بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن، فأمرهم ونهاهم وكان معه عبد الله بن مسعود وَخَطَّ له النبي - صلى الله عليه وسلم - خطاً وقال له

السابقالتالي
2 3