الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى ٱلْعَالَمينَ } * { وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

قوله عز وجل { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ } يعني ثوابه لنفسه { وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا } يعني عقوبته عليها { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ } في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم قال الله تعالى { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } يعني أولاد يعقوب { ٱلْكِتَـٰبَ } أي التوراة، والزبور والإنجيل، لأن موسى وداود وعيسى كانوا في بني إسرائيل { وَٱلْحُكْمَ } يعني الفهم والعلم { وَٱلنُّبُوَّةَ } يعني جعلنا فيهم النبوة، فكان فيهم ألف نبي { وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } يعني الحلال من الرزق وهو المن والسلوى، ويقال رزقناهم من الطيبات يعني أورثناهم أموال فرعون { وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمينَ } يعني فضلناهم بالإسلام على عالمي زمانهم { وَءاتَيْنَـٰهُم بَيّنَـٰتٍ مّنَ ٱلأَمْرِ } يعني الحلال والحرام، وبيان ما كان قبلهم، ثم اختلفوا بعده، قوله تعالى { فَمَا ٱخْتَلَفُواْ } يعني في الدين { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ } أي صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتبهم { بَغْياً بَيْنَهُمْ } يعني حسداً منهم وطلباً للعز والملك، ويقال اختلفوا في الدين فصاروا أحزاباً فيما بينهم، يلعن بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من دين بعض ثم قال: { إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يعني يحكم بينهم { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } في الكتاب والدين قوله عز وجل { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مّنَ ٱلأَمْرِ } يعني أمرناك وألزمناك وأثبتناك على شريعة، ويقال على سنة من الأمر، وذلك حين دعوه إلى ملتهم، ويقال على شريعة: يعني على ملة ومذهب، وقال قتادة: الشريعة الفرائض والحدود والأحكام. { فَٱتَّبِعْهَا } يعني اثبت عليها { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يصدقون بالتوحيد { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } يعني إن تركت الإسلام إنهم لا يمنعوك من عذاب الله شيئاً { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } يعني بعضهم على دين بعض { وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُتَّقِينَ } أي ناصر الموحدين المخلصين { هَـٰذَا بَصَـٰئِرُ لِلنَّاسِ } يعني يبصرهم ما لهم وما عليهم، والواحدة بصيرة يعني يبين لهم الحلال والحرام، ويقال: هذا القرآن دلائل للناس، ويقال: دعوة وكرامة ثم قال { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } أي هدى من الضلالة، ورحمة من العذاب { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } يعني يصدقون بالرسل والكتاب، ويوقنون أن الله أنزله نعمة وفضلاً.