الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

فقال تعالى: { ٱللَّهُ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِىَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وقد ذكرناه ثم قال: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } يعني: ذلل لكم ما في السموات وما في الأرض لصلاحكم ثم قال تعالى: { جَمِيعاً مّنْهُ } يعني: جميع ما سخر الله تعالى هو من قدرته ورحمته، ويقال (جَمِيعاً مِّنْهُ) يعني: مِنَّةً منه، قال مقاتل: يعني جميعاً من أمره وروى عكرمة عن ابن عباس قال: جميعاً منه، منه النور ومنه الشمس ومنه القمر { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني: فيما ذكر { لآيَاتٍ } يعني دلالات وعبرات { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يعتبرون في صنعه وتوحيده، وروى الأعمش عن عمرو بن مرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ فِي الخَالِق، فَقَالَ تَفَكَّرُوا فِي الْخَلْقِ وَلاَ تَتَفَكَّرُوا فِي الْخَالِقِ " وروى وكيع عن هشام عن عروة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أحَدَكُم، فَيَقُول مَنْ خَلَقَ السماء؟ فيقول: الله، فيقول من خلق الأرض؟ فيقول الله، فيقول من خلق الله تعالى؟ فإذا افْتُتِنَ أَحَدُكُمُ بِذَلِكَ فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِالله وَرَسُولِهِ " قال الله تعالى: { قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ } قال مقاتل والكلبي: وذلك أن رجلاً من الكفار من قريش شتم عمر رضي الله عنه بمكة، فهم عمر بأن يبطش به فأمره الله بأن يتجاوز عنه فقال: { قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ } ، يعني: عمر { يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ } يعني يتجاوزوا ولا يعاقبوا الذين { لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } يعني: لا يخافون عقوبته التي أهلك بها عادا وثمودا، والقرون التي أهلكت قبلهم يعني: لا يخشون مثل أيام الأمم الخالية، قال قتادة ثم نسختها آية القتالوَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً } [التوبة: 36] ثم قال: { لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني: يجزيهم بأعمالهم في الآخرة، قال مجاهد: { لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ } ، يعني لا ينالون نعم الله، قرأ حمزة والكسائي وابن عامر (لِنَجْزِيَ) بالنون على الإضافة إلى نفسه، والباقون لِيَجْزِيَ بالياء أي ليجزي الله.