الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } * { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } يعني: وصف ابن مريم شبهاً { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } يعني: يعرضون عن ذكره، ويقال: لما قالت النصارى إن عيسى ابن الله، إذا قومك منه يصدون، قرأ ابن عامر والكسائي ونافع (يَصُدُّونَ) بضم الصاد وقرأ الباقون (يَصِدُّونَ) بالكسر، فمن قرأ بالضم فمعناه: يعرضون، ومن قرأ بالكسر فمعناه يضجون ويرفعون أصواتهم تعجباً، وذلك أنهم قالوا لما جاز أن يكون عيسى ابن الله، جاز أن تكون الملائكة بناته، فعارضوه بذلك يعني: أهل مكة ورفعوا أصواتهم بذلك ويقال: إن عبد الله بن الزبعرى، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرنا في سورة الأنبياء ففرح المشركون بذلك، ورفعوا أصواتهم تعجباً من قوله آلهتنا خير، ثم قال تعالى: { وَقَالُواْ ءأَالِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ } يعني: أم عيسى، فإذا جاز أن يكون هو ولدا، جاز أن تكون الأصنام والملائكة كذلك، ويقال: فإذا جاز أن يكون هو في النار، جاز أن تكون معه الأصنام في النار قوله: { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلا } يعني: ما عارضوك بهذه المعارضة إلا جدلاً { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } يعني: يجادلونك شديد المجادلة بالباطل قوله تعالى: { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } أي ما كان عيسى إلا عبداً لله أنعم الله تعالى عليه بالنبوة، وأكرمه بها { وَجَعَلْنَـٰهُ مَثَلاً لّبَنِى إِسْرٰءيلَ } يعني: عبرة لبني إسرائيل ليعتبروا به حين ولد ابن من غير أب ثم قال: { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَـٰئِكَةً فِى ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } يعني: لو شاء الله، لجعل مكانكم في الأرض ملائكة يخلفون، فكانوا خلفاً منكم ثم رجع إلى صفة عيسى عليه السلام فقال: { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } يعني: نزول عيسى علامة لقيام الساعة ويقال: نزول عيسى آية للناس، وروى وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين، عن أبي يحيى عن ابن عباس في قوله: { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } قال خروج عيسى ابن مريم وروى معمر عن قتادة قال: نزول عيسى، وروى عبادة عن حميد عن أبي هريرة قال " لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُرى عيسى عليه السلام في الأًَرْض إمَاماً مُقْسِطاً، وَكُنْتُ أرْجُو ألاَّ أمُوتَ حَتَّى آكُل مع عيسى عليه السلام عَلَى مَائِدَةٍ فَمَنْ لَقِيهُ مِنْكُمْ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَم " قرأ بعضهم (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ) بكسر العين أي: بنزول المسيح يعلم أنه قد قربت الساعة، ومن قرأ (وَإنَّهُ لَعَلَمٌ) بالنصب فإنه بمعنى الدليل والعلامة، قوله تعالى: { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } يعني: لا تشكن في القيامة والبعث { وَاتَّبِعُونِي } يعني أطيعونني { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } يعني: هذا التوحيد صراط مستقيم { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } يعني: لا يصرفنكم الشيطان عن طريق الهدى { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة.