الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { عۤسۤقۤ } * { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ }

قوله تبارك وتعالى { حـمۤ عۤسۤقۤ } روي عن ابن عباس أنه قال: الحاء حكم الله والميم: ملك الله، والعين: علو الله، والسين: سناء الله، والقاف: قدرة الله. فكأنه يقول: فبحكمي وملكي وعلوي، وسنائي، وقدرتي، لا أعذب عبداً قال: لا إلٰه إلا الله مخلصاً فلقيني بها، ومعنى قول ابن عباس لا يعذب عبداً، يعني لا يعذبه عذاباً دائماً خالداً، وروى المسيب عن رجل، عن أبي عبيدة قال: العين عذاب الله، والسين: سنون، والقاف: فيها القحط العجب (قال: وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " افتحوا صبيانكم قول لا إلٰه إلا الله، ولقنوا موتاكم لا إلٰه إلا الله " الحكمة في ذلك، لأن حال الصبيان حال حسن، لا غل ولا غش في قلوبهم، وحال الموتى حال الاضطرار، فإذا قلتم ذلك في أول ما يجري عليكم القلم، وآخر ما يجف القلم فعسى الله أن يتجاوز ما بين ذلك قال المسيب: وحدثنا محدث قال: قاف قذف، وقال الضحاك في قوله { حـمۤ عۤسۤقۤ } قال: قضى عذاب سيكون واقعاً، وأرجو أن يكون قد مضى يوم بدر، والسنون، وقال شهر بن حوشب { حـمۤ عۤسۤقۤ } حرب يذل فيه العزيز ويعز فيه الذليل من قريش، ثم يفضي إلى العرب، ثم إلى العجم، ثم هي متصلة إلى خروج الدجال، وقال عطاء: الحاء حرب وهو موت ذريع في الناس وفي الحيوان حتى يبيدهم ويفنيهم، والميم تحويل ملك من قوم إلى قوم، والعين عدو لقريش يركبهم ثم ترجع الدولة إليهم بحرمة البيت، والسين هو استئصال بالسنين كسني يوسف، والقاف قدر من الله نافذ في ملكوت الأرض لا يخرجون من قدره وهو نافذ فيهم، وقال السدي: الحاء حلمه، والميم ملكه، والعين عظمته، والسين سناؤه، والقاف قدرته، وقال قتادة: هو اسم من أسماء الله تعالى، ويقال اسم من أسماء القرآن، ثم قال تعالى { كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } يعني أوحى الله إليك بــ { حـمۤ عۤسۤقۤ } كما أوحى الله بها إلى الذين كانوا من قبلك وقال ابن عباس ليس من نبي وإلا وقد أوحَى الله تعالى إليه بــ { حـمۤ عۤسۤقۤ } كما أوحى الله بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قرأ ابن كثير { يُوحَىٰ إِلَـيْكَ } بالألف على معنى فعل ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون (يُوحِي) بالكسر يعني هكذا يوحي الله إليك، وقرىء في الشاذ (نوحي) بالنون ثم قال { ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ } بالنقمة على من لم يجب الرسل { ٱلْحَكِيمُ } حكم بإنزال الوحي عليك، وقال مقاتل: { كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } يعني في أمر العذاب قوله عز وجل { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } يعني من خلق { وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ } يعني لرفعي { ٱلْعَظِيمِ } فلا شيء أعظم منه، يعني عظيم قدرته.