الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { ذَلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }

قوله عز وجل: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء } يعني ألهم آلهة دوني { شَرَعُواْ لَهُمْ مّنَ ٱلدّينِ } أي بينوا لهم من الدين { مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } يعني ما لم يأمر به، ويقال معناه: ألهم آلهة ابتدعوا لهم من الدين أي من الشريعة والطريقة، ويقال سنوا لهم ما لم يأذن به الله، يعني ما لم ينزل به الله من الكتاب والدين { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ } يعني القضاء الذي سبق ألا يعذب هذه الأمة، ويؤخر عذابهم إلى الآخرة { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } يعني أنزل بهم العذاب في الدنيا { وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني المشركين { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة قوله تعالى { تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني ترى الكافرين يوم القيامة { مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ } يعني خائفين مما عملوا في الدنيا { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } يعني نازل بهم ما كانوا يحذرون { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } يعني الذين صدقوا بالتوحيد، وأدوا الفرائض والسنن { فِى رَوْضَـٰتِ ٱلْجَنَّـٰتِ } يعني في بساتين الجنة { لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ عِندَ رَبّهِمْ } من الكرامة { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } يعني: المن العظيم قوله تعالى: { ذَلِكَ ٱلَّذِى يُبَشّرُ ٱللَّهُ } يعني ذلك الثواب الذي يبشر الله { عِبَادِهِ } في الدنيا، قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو (يَبْشُر) بنصب الياء وجزم الباء وضم الشين مع التخفيف، والباقون بالتشديد وقد ذكرناه { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } يعني يبشرهم بتلك الجنة، وبذلك الثواب ثم قال { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } يعني قل يا محمد لأهل مكة لا أسألكم عليه أجراً أي على ما جئتكم به أجراً { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } قال مقاتل يعني إلا أن تصلوا قرابتي، وتكفوا عني الأذى، ثم نسخ بقوله: { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْر فَهُوَ لَكُمْ } ويقال { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ } يعني إلاَّ ألاَّ تؤذونني بقرابتي منكم، قال ابن عباس ليس حي من أحياء العرب إلا وللنبي - عليه السلام - فيه قرابة، وقال الحسن: إلا المودة في القربى، يعني إلا أن تتوددوا إلى الله تعالى بما يقربكم منه، وهكذا قال مجاهد، وقال سعيد بن جبير: إلا المودة في القربى، يعني: إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم ثم قال { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } يعني يكتسب حسنة { نَزِدْ فِيهَا حُسْناً } يعني للواحد عشرة، ويقال: نزد له التوفيق في الدنيا، ونضاعف له الثواب في الآخرة { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } يعني غفور لمن تاب، شكور يقبل اليسير ويعطي الجزيل.