الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } * { فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

يقول الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { قُلْ } يا محمد { إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ } يعني آدمياً مثلكم { يُوحَىٰ إِلَىَّ } ما أبلغكم من الرسالة { أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ فَٱسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ } يعني أقروا له بالتوحيد { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } من الشرك { وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ } يعني الشدة من العذاب للمشركين { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } يعني لا يعطون الزكاة ولا يقرون بها { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } يعني بالبعث بعد الموت، ثم وصف المؤمنين فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } يعني صدقوا بالله وأدوا الفرائض { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } يعني غير منقوص، ويقال غير مقطوع عنهم في حال ضعفهم ومرضهم فقال عز وجل { قُل أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ } اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به التهديد والزجر، يعني أئنكم لتكذبون بالخالق الذي خلق الأرض في يومين يوم الأحد ويوم الإثنين، فبدأ خلقها في يوم الأحد، وبسطها في يوم الاثنين { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } يعني تصفون له شركاء من الآلهة { ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني الذي خلق الأرض فهو رب جميع الخلق، ولو أراد الله أن يخلقها في لحظة واحدة لفعل، وكان قادراً ولكنه أحب أن يبصر الخلق وجوه الأناة، والقدرة على خلق السموات والأرض في أيام كثيرة، وفي لحظة واحدة سواء، لأن الخلق عاجزون عن مثقال ذرة منها، وكان ابتداء خلق الأرض في يوم الأحد، وإتمام خلقها وبسطها في يوم الاثنين { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا } يعني وخلق في الأرض الرواسي يعني الجبال الثوابت من فوقها { وَبَـٰرَكَ فِيهَا } بالماء والشجر { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوٰتَهَا } [يعني قسم فيها الأرزاق وقال عكرمة: قدر فيها أقواتها] يعني قدر في كل قرية عملاً لا يصلح في الأخرى، مثل النيسابوري لا يكون إلا بنيسابور، والهروي لا يكون إلا بهراة، وقال قتادة: { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوٰتَهَا } قال جبالها، ودوابها، وأنهارها، وثمارها، وقال الحسن: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْواتَهَا قال: أرزاقها، وقال مقاتل: يعني: أرزاقها ومعايشها، وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: أول ما خلق الله من شيء، خلق القلم، فقال له اكتب، فقال يا رب وما أكتب؟ فقال: اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم القيامة، ثم خلق النون، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات ثم بسط الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون، فتمادت الأرض فأوتدت بالجبال، ثم قال { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } يعني من أيام الآخرة، ويقال من أيام الدنيا { سَوَاء لّلسَّائِلِينَ } يعني لمن سأل الرزق، ومن لم يسأل، وقال مقاتل { سَوَاء لّلسَّائِلِينَ } يعني عدلاً لمن سأل الرزق، كقولهوَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ } [ص: 22] يعني عدلاً، وقال ابن عباس سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية فقال:

السابقالتالي
2