{ فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني: اصبر يا محمد على أذى الكفار إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ أي كائن { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } من العذاب، يعني فإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب في الدنيا، وهو القتل والهزيمة { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } من قبل أن نرينك عذابهم في الدنيا { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } يعني: يرجعون إلينا في الآخرة فنجزيهم بأعمالهم { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ } يعني: إلى قومهم { مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ } يعني: سميناهم لك فأنت تعرفهم { وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } يعني: لم نسمهم لك، ولم نخبرك بهم، يعني أنهم صبروا على أذاهم، فاصبر أنت يا محمد على أذى قومك كما صبروا { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـئَايَةٍ } أي ما كان لرسول من القدرة أن يأتي بآية، أي بدلائل وبراهين { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } يعني: بأمره { فَإِذَا جَـاء أَمْرُ ٱللَّهِ } يعني: بالعذاب { قُضِىَ بِٱلْحَقِّ } أي: عذبوا ولم يظلموا حين عذبوا { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ } أي خسر عند ذلك المبطلون، يعني المشركون، ويقال يعني الظالمون، ويقال الخاسرون، ثم ذكر صنعه ليعتبروا فقال { ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَنْعَـٰمَ } يعني: خلق لكم البقر والغنم والإبل { لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا } أي بعضها وهو الإبل { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي: من الأنعام منافع، في ظهورها، وشعورها، وشرب ألبانها { وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ } أي: ما في قلوبكم من بلد إلى بلد { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } يعني: على الأنعام وعلى السفن { وَيُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ } يعني: دلائله وعجائبه { فَأَيَّ آيَاتِ ٱللَّهِ تُنكِرُونَ } بأنها ليست من الله { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: يسافروا في الأرض { فَيَنظُرُواْ } أي: فيعتبروا { كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني: آخر أمر من كان قبلهم كيف فعلنا بهم حين كذبوا رسلهم { كَانُواْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ } يعني: أكثر من قومك في العدد { وَأَشَدَّ قُوَّةً } من قومك { وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ } يعني: مصانعهم أعظم آثاراً في الأرض وأطول أعماراً، وأكثر ملكاً في الأرض { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني: لم ينفعهم ما عملوا في الدنيا حين نزل بهم العذاب { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ } بالأمر والنهي، وبخبر العذاب { فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ ٱلْعِلْمِ } يعني: من قلة علمهم، رضوا بما عندهم من العلم، ولم ينظروا إلى دلائل الرسل، ويقال رضوا بما عندهم فقالوا: لن نعذب، ولن نبعث، ويقال فرحوا بما عندهم من العلم، أي علم التجارة كقوله: يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، { وَحَاقَ بِهِم } أي نزل بهم { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } أي: يسخرون به ويقولون أنه غير نازل بهم { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي عذابنا في الدنيا { قَالُواْ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا } أي تبرأنا { بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } يعني: بما كنا به مشركين من الأوثان { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ } يعني: تصديقهم { لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } أي: حين رأوا عذابنا، قال القتبي: البأس الشدة والبأس العذاب كقوله { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } وكقوله:{ فَلَمَّا أَحَسُّواْ بأْسَنا } [الأنبياء: 12]، { سُنَّتُ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ } قال مقاتل: يعني كذلك كانت سنة الله { فِى عِبَادِهِ } يعني العذاب في الأمم الخالية، إذا عاينوا العذاب لم ينفعهم الإيمان، وقال القتبي: هكذا سنة الله أنه من كفر عذبه { وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } أي: خسر عند ذلك الكافرون بتوحيد الله عز وجل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.