الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } * { هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } يعني التوراة، فيها هدى ونور من الضلالة { وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني أعطيناهم على لسان الرسل، التوراة، والإنجيل، والزبور { هُدًى } أي بياناً من الضلالة، ويقال فيه نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَذِكْرَىٰ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } ، يعني عظة لذوي العقول { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني اصبر يا محمد على أذى المشركين فإن وعد الله حق، وهو ظهور الإسلام على الأديان كلها، وفتح مكة { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } وهذا قبل نزول قولهلِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2] ويقال استغفر لذنبك أي لذنب أمتك { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } أي صل بأمر ربك { بِٱلْعَشِىّ } أي صلاة العصر { وَٱلإبْكَـٰرِ } يعني صلاة الغداة، ويقال: سبح الله تعالى، واحمده بلسانك في أول النهار، وآخره { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } قال الكلبي ومقاتل يعني اليهود والنصارى كانوا يجادلون في الدجال، وذلك أنهم كانوا يقولون إن صاحبنا يبعث في آخر الزمان وله سلطان فيخوض البحر، وتجري معه الأنهار، ويرد علينا الملك، فنزل { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } يعني في الدجال، لأن الدجال آية من آيات الله { بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ } أي بغير حجة { ءاتَـٰهُمُ } من الله { إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَـٰلِغِيهِ } أي ما في قلوبهم إلا عظمة مَا هُم بِبَالِغِيهِ يعني ما هم ببالغي ذلك الكبر الذي في قلوبهم بأن الدجال منهم، وقال القتبي: إِنْ في صُدُورِهِمْ إِلاَّ تكبراً على محمد - صلى الله عليه وسلم، وطمعاً أن يغلبوه وما هم ببالغي ذلك، وقال الزجاج: معناه وما هم ببالغي إرادتهم، وإرادتهم دفع آيات الله، وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية قال: إن اليهود ذكروا الدجال وعظموا أمره فنزل { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } يعني إن الدجال من آيات الله { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } من فتنة الدجال، فإنه ليس ثم فتنة أعظم من فتنة الدجال { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لقول اليهود { ٱلبَصِيرُ } يعني العليم بأمر الدجال، ويقال السميع لدعائك، البصير برد فتنة الدجال عنك { لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } قال الكلبي ومقاتل: لَخَلْقُ السَّمَـٰوَاتِ وَالأَرْضِ أعظم من خلق الدجال، ويقال لخلق السماوات والأَرض، أعظم من خلق الناس بعد موتهم، يعني أنهم يبعثون يوم القيامة { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أن الدجال خلق من خلق الله، ويقال لا يعلمون أن الله يبعثهم ولا يصدقون { وَمَا يَسْتَوِى ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } يعني الكافر والمؤمن في الثواب { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلاَ ٱلْمُسِىء } يعني لا يستوي الصالح مع الطالح { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } أي يتعظون ويعتبرون، قرأ عاصم وحمزة والكسائي تَتَذَكَّرُونَ بالتاء على وجه المخاطبة، والباقون بالياء يَتَذَكَّرُونَ على معنى الخبر عنهم، وفي كلا القراءتين مَا للصلة والزينة { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لأَتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا } يعني قيام الساعة آتية لا شك فيها عند المؤمنين { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي لا يصدقون الله تعالى { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ }.

السابقالتالي
2