{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } وهو حزبيل بن ميخائيل، هو ابن عم قارون وكان أبوه من آل فرعون، وأمه من بني إسرائيل، ويقال كان ابن فرعون { يَكْتُمُ إِيمَـٰنَهُ } وكان قد أسلم سراً من فرعون، قوله { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَاءكُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمْ } يعني اليد والعصا، وروى الأوزاعي، عن يحيــــى بن كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو حدثني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال «أقبل عقبة بن أبي معيط ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند الكعبة فلوى ثوبه على عنقه، وخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبيه ودفعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال أبو بكر أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم { وَإِن يَكُ كَـٰذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } يعني فعليه وبال كذبه، فلا ينبغي أن تقتلوه بغير حجة ولا برهان { وَإِن يَكُ صَـٰدِقاً } في قوله وكذبتموه { يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ } من العذاب، يعني بعض ذلك العذاب يصبكم في الدنيا، ويقال بعض الذي يعدكم فيه أي جميع الذي يعدكم كقوله:{ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } [الزخرف: 63] أي جميع الذي تختلفون فيه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى } يعني لا يرشد ولا يوفق إلى دينه { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في قوله { كَذَّابٌ } يعني الذي عادته الكذب { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } أي ملك مصر { ظَـٰهِرِينَ فِى ٱلأَرْضِ } أي غالبين على أرض مصر { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ } يعني من يعصمنا من عذاب الله { إِن جَاءنَا } يعني أرأيتم إن قتلتم موسى وهو الصادق فمن يمنعنا من عذاب الله، فلما سمع فرعون قول المؤمن { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَىٰ } يعني ما أريكم من الهدى إلا ما أرى لنفسي، ويقال: ما آمركم إلا ما رأيت لنفسي أنه حق وصواب { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } يعني ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى، وقرىء في الشاذ الرَشَّاد بتشديد الشين يعني سبيل الرشاد الذي يرشد الناس، ويقال رشاد اسم من أسماء أصنامه، قوله { وَقَالَ ٱلَّذِى ءامَنَ } وهو حزبيل { يٰقَوْمِ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } يعني أخاف عليكم من تكذيبكم مثل عذاب الأمم الخالية { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ } أي مثل عذاب قوم نوح { وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعِبَادِ } يعني لا يعذبهم بغير ذنب { وَيٰقَوْمِ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } وهو من نَدَّ يَند، وهو من تنادى يتنادى تنادياً، وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قرأ يوم التناد بتشديد الدال وقال تندون كما تند الإبل، وهذا موافق لما بعده، { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } وكقوله: