الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } * { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } * { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } * { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } * { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } * { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }

{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } وهو حزبيل بن ميخائيل، هو ابن عم قارون وكان أبوه من آل فرعون، وأمه من بني إسرائيل، ويقال كان ابن فرعون { يَكْتُمُ إِيمَـٰنَهُ } وكان قد أسلم سراً من فرعون، قوله { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَاءكُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمْ } يعني اليد والعصا، وروى الأوزاعي، عن يحيــــى بن كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو حدثني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال «أقبل عقبة بن أبي معيط ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند الكعبة فلوى ثوبه على عنقه، وخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبيه ودفعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال أبو بكر أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم { وَإِن يَكُ كَـٰذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ } يعني فعليه وبال كذبه، فلا ينبغي أن تقتلوه بغير حجة ولا برهان { وَإِن يَكُ صَـٰدِقاً } في قوله وكذبتموه { يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِى يَعِدُكُمْ } من العذاب، يعني بعض ذلك العذاب يصبكم في الدنيا، ويقال بعض الذي يعدكم فيه أي جميع الذي يعدكم كقوله:وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } [الزخرف: 63] أي جميع الذي تختلفون فيه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى } يعني لا يرشد ولا يوفق إلى دينه { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في قوله { كَذَّابٌ } يعني الذي عادته الكذب { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } أي ملك مصر { ظَـٰهِرِينَ فِى ٱلأَرْضِ } أي غالبين على أرض مصر { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ } يعني من يعصمنا من عذاب الله { إِن جَاءنَا } يعني أرأيتم إن قتلتم موسى وهو الصادق فمن يمنعنا من عذاب الله، فلما سمع فرعون قول المؤمن { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَىٰ } يعني ما أريكم من الهدى إلا ما أرى لنفسي، ويقال: ما آمركم إلا ما رأيت لنفسي أنه حق وصواب { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } يعني ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى، وقرىء في الشاذ الرَشَّاد بتشديد الشين يعني سبيل الرشاد الذي يرشد الناس، ويقال رشاد اسم من أسماء أصنامه، قوله { وَقَالَ ٱلَّذِى ءامَنَ } وهو حزبيل { يٰقَوْمِ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } يعني أخاف عليكم من تكذيبكم مثل عذاب الأمم الخالية { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ } أي مثل عذاب قوم نوح { وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعِبَادِ } يعني لا يعذبهم بغير ذنب { وَيٰقَوْمِ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } وهو من نَدَّ يَند، وهو من تنادى يتنادى تنادياً، وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قرأ يوم التناد بتشديد الدال وقال تندون كما تند الإبل، وهذا موافق لما بعده، { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } وكقوله:

السابقالتالي
2