{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }. قال ابن عباس: يعني لا يتمنى الرجل مال أخيه، ولا امرأته ولا دابته ولكن، ليقل اللهم ارزقني مثله، وقال الكلبي: مثله. وفيها وجه آخر: وهو أن الرجال قالوا: إن الله فضلنا على النساء، فلنا سهمان ولهن سهم، ونرجوا أن يكون لنا أجران في الأعمال. وقالت أم سلمة: ليت الجهاد كتب على النساء، فنزلت هذه الآية { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } { لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبْنَ } ويقال: إن النساء قلن كما نقص سهمنا في الميراث، كذلك ينقص من أوزارنا، ويكون الإثم علينا أقل من الرجال، فنزلت الآية: { لّلرّجَالِ نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبُواْ } ولا يتمنى أحدكم أكثر مما عمل، { وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا ٱكْتَسَبْنَ } من الشر ولا ينقص منهن شيء مما عملن من الإثم. { وَسْئَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ } جميعاً الرجال والنساء { مِن فَضْلِهِ } أي من رزقه { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيماً } فيما يصلح لكل واحد منهم من السهام وبمن يصلح للجهاد. قرأ ابن كثير والكسائي: (وسلوا الله) بغير همز في جميع القرآن، وقرأ الباقون، (واسألوا الله) بالهمز، وأصله الهمز، إلا أنه حذف الهمز للتخفيف. قوله تعالى: { وَلِكُلٍ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } أي بينا موالي: يعني الورثة من الولد والإخوة وابن العم. ويقال: الموالي العصبة، العم وابن العم وذوي القربى، كقوله:{ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِىَ مِن وَرَآئِي } [مريم: 5] معناه ولكل واحد منكم جعلنا الورثة لكي يرث { مّمَّا تَرَكَ } وهم { ٱلْوٰلِدٰنِ وَٱلأَقْرَبُونَ }. ثم قال: { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ فَـآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ }. قال الكلبي ومقاتل: كان الرجل يرغب في الرجل فيحالفه ويعاقده على أن يكون في ميراثه كبعض ولده ثم قال: { فَـآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } أي أعطوهم حظهم الذي سميتم لهم من الميراث، هكذا قال مجاهد. ثم نسخ بقوله تعالى:{ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [الأنفال: 75] ويقال: إنهم كانوا يوصون لهم بشيء من المال فأمرهم بأن يؤتوا نصيبهم من الثلث. ويقال: أراد به مولى الموالاة، كانوا يرثون السدس. ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً } أي شاهد إن أعطيتموهم أو لم تعطوهم. قرأ أهل الكوفة: حمزة والكسائي وعاصم، والذين (عقدت أيمانكم) بغير ألف، والباقون: بالألف، قال أبو عبيدة والإختيار، (عاقدت) بالألف لأنه من معاقدة الحلف فلا يكون إلا بين اثنين ومن قرأ (عقدت) معناه عقدت لهم أيمانكم، فأضمر فيها لهم. ثم قال: { ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء }. نزل في سعد بن الربيع لطم امرأته بنت محمد بن مسلمة، فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فنزل جبريل من ساعته بهذه الآية { ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاءِ } يعني مسلطون في أمور النساء وتأديبهم { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } وذلك أن الرجل له الفضل على امرأته في إنفاقه عليها [ودفع الحق إليها] ويقال: إن الرجال لهم فضيلة في زيادة العقل والتدبير، فجعل لهم حق القيام عليهن بما لهم من زيادة عقل ليس ذلك للنساء.