الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } * { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } * { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً }

{ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } أي يبين لكم أن الصبر خير لكم من نكاح الإماء. ويقال: يبين لكم إباحة نكاح الأمة عند العذر. ثم قال تعالى: { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أي شرائع الذين من قبلكم بأنه لم يحل لهم تزوج الإماء وقد أحل لكم ذلك. وقال مقاتل: يريد الله ليبين لكم حكم حلاله وحرامه من النساء، ويهديكم أي يبين لكم شرائع من كان قبلكم { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي يتجاوز عنكم ما كان منكم قبل التحريم { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بمن فعله منكم بعد التحريم { حَكِيمٌ } فيما نهاكم عن نكاح الاماء إن لم يجد طولاً، والنهي نهي استحباب لا نهي وجوب. ويقال: إن هذا ابتداء القصة، يريد الله أن يبين لكم كيفية طاعته، { وَيَهْدِيَكُمْ } يعني يعرفكم سنن الذين من قبلكم، يعني أنهم لما تركوا أمري فكيف عاقبتهم، وأنتم إذا فعلتم ذلك لا أعاقبكم، ولكني أتوب عليكم (والله عليم بمن تاب) (حكيم) حكم بقبول التوبة. ثم قال تعالى: { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي يتجاوز عنكم ما كان منكم من قبل التحريم. ويقال: يتجاوز عنكم الزلل والخطايا. { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } يعني اليهود والنصارى، ويقال المجوس. { أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } يعني أن تخطئوا خطأ عظيماً، لأن بعض الكفار كانوا يجيزون نكاح الأخت من الأب، وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرم الله تعالى ذلك قالوا للمسلمين: إنكم تنكحون ابنة الخالة والعمة فأنزل الله تعالى هذه الآية. ويقال: ويريدون الذين يتبعون الشهوات. ويقال: إن اليهود يريدون أن يقفوا منكم على الزلل والخطايا، يعني أن الله تعالى قد بين لكم لكي لا يقفوا منكم على الزلل والخطايا. ثم قال تعالى: { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ } يقول: يهون عليكم الأمر إذ رخص لكم في نكاح [الإماء] { وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً } أي لا يصبر على النكاح وقال الضحاك: يخفف عنكم أي يريد أن يضع عنكم أوزاركم ويضع عنكم آثامكم. قوله تعالى: { ضَعِيفاً يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَـٰطِلِ } يعني بالظلم، باليمين الكاذبة، ليقطع بها [مال أخيه ثم استثنى ما استفضل الرجل من] مال أخيه في تجارته أنه لا بأس به فقال: { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ }. ويقال: إلا ما كان بينهما تجارة، وهو أن يكون مضارباً له، فله أن يأكل من مال المضاربة إذا خرج إلى السفر. ويقال: إلا ما يأكل الرجل شيئاً عند اشترائه ليذوقه. قرأ حمزة والكسائي وعاصم: (تجارة) بنصب الهاء على معنى خبر تكون. وقرأ الباقون بالضم على معنى الإسم. ثم قال تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } أي لا يقتل بعضكم بعضاً، فإنكم أهل دين واحد.

السابقالتالي
2