الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } * { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقاً غَلِيظاً }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً } قال ابن عباس: كانوا في الجاهلية، وفي أول الإسلام، إذا مات الرجل وله امرأة، وله ولد من غيرها، أو له وارث غير الابن، فألقى ثوبه عليها وورث نكاحها بالصداق الأول، ويقول: أنا ولي زوجك فورثتك فإن كانت جميلة أمسكها، وإن لم تكن جميلة طول عليها، لتفتدي منه فنزلت هذه الآية. وقال في رواية الضحاك: كان الرجل عنده عجوز، ونفسه تتوق إلى الشابة، فيكره فراق العجوز لمالها فيمسكها ولا يقربها حتى تفتدي منه بمالها أو تموت فيرث مالها، فنزلت هذه الآية، وأمر الزوج بأن يطلقها إن كره صحبتها، فلا يمسكها كرهاً، فذلك قوله تعالى: { لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً }. قرأ عاصم وابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، ونافع: (كرهاً) بنصب الكاف، وقرأ حمزة والكسائي: (كرها) [بالضم]. قال القتبي: (الكره) بالنصب بمعنى الإكراه، (والكره) بالرفع المشقة، ويقال: ليفعل ذلك طوعاً أو كرهاً، يعني طائعاً أو مكرهاً. ثم قال تعالى: { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أي لا تمنعوهن من الأزواج { لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ } من المهر وغيره { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ } وهي المعصية في النشوز على زوجها، فيحل له ما أخذ منها. ويقال: إلا أن تزني فيحل له أن يفتدي منها، يعني إذا كانت بطيبة نفسها. قرأ ابن كثير، وعاصم في رواية أبي بكر (بفاحشة مبينة) بنصب الياء، وقرأ الباقون (مبينة) بكسر الياء، فمن قرأ بالكسر يعني، الفعل الفاحشة، يعني فاحشة ظاهرة تبين منها نفسها، ومن قرأ بالنصب، يكون بمعنى المفعول. قال مقاتل: نزلت هذه الآية في محصن بن أبي قيس وامرأته هند بنت المغيرة وفي جماعة. وقال الكلبي: نزلت في حصن بن أبي قيس وامرأته كبشة بنت معن. ثم قال تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي: صاحبوهن بالجميل { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ } أي كرهتم صحبتهن { فَعَسَى } يقول: فلعل { أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا } من صحبتكم إياهن { وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } يعني في صحبتهن، يرزق لكم ولداً صالحاً وهذا كقوله عز وجل { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } ويقال { وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } لعله إن أمسكها، فيعطفه الله عليها من بعد ذلك، وأما أن يخلي سبيلها فيزوجها الله زوجاً غيره فيرزقها الله منه الولد. ثم قال: { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ } يعني تغيير زوج { مَّكَانَ زَوْجٍ } يعني إذا أراد الرجل أن يطلق زوجته، ولم يكن منها نشوز، وأراد أن يتزوج غيرها { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً } من الذهب في المهر. قال مجاهد: القنطار سبعون ألف دينار. وقال عطاء: سبعة آلاف دينار. وقال الحسن: ألف دينار أو إثني عشرة ألف درهم.

السابقالتالي
2