{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِي أَوْلَـٰدِكُمْ } أي يبين الله لكم ميراث أولادكم كما بين قسمة المواريث، يعني إذا مات الرجل أو المرأة، وترك أولاداً ذكوراً وإناثاً [يكون] { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ ٱلأُنْثَيَيْنِ } يعني لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم. وروى ابن أبي نجيح، عن عطاء قال: كان ابن عباس يقول: كان الميراث للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين، فنسخ الله من ذلك ما أحب: فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للوالدين لكل واحد منهما السدس، وللمرأة الثمن أو الربع، وللزوج النصف أو الربع. ثم قال تعالى: { فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ } يعني إذا ترك الميت بناتاً ولم يترك أبناء، فللبنات إن كن اثنتين فصاعداً، { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } من الميراث ولم يذكر في الآية حكم البنتين ولكن أجمع المسلمون، ما خلا رواية عن ابن عباس أنه قال: للاثنتين النصف كما كان للواحدة، وللثلاث بنات الثلثان. وأما سائر الصحابة فقد قالوا: إن للاثنتين الثلثين، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روى جابر بن عبد الله قال: " جاءت امرأة [سعد] بن الربيع بابنتيها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هاتان ابنتا سعد، وقد قتل أبوهما معك يوم أحد شهيداً، وإن عمهما أخذ مالهما، ولم يدع لهما مالاً ولا تنكحان إلا ولهما مال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سيقضي الله ذلك، فأنزل الله تعالى آية الميراث فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما وقال: أعط لابنتي سعد الثلثان، واعط أمهما الثمن، والباقي لك " ، ثم قال تعالى: { وَإِن كَانَتْ وٰحِدَةً فَلَهَا ٱلنّصْفُ } يعني إن ترك الميت بنتاً واحدةً فلها النصف من الميراث والباقي للعصبة بالخبر. قرأ نافع: (وإن كانت واحدة) بالرفع على اسم كانت، وقرأ الباقون: بالنصب على معنى الخبر، ويكون الاسم فيه مضمراً. ثم قال تعالى: { وَلأَِبَوَيْهِ لِكُلّ وٰحِدٍ مّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ } الميت من المال، { إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } ذكر أو أنثى، أو ولد الإبن، { فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ } للميت { وَلَدَ } ولا ولد ابن { وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ } يعني إن لم يكن للميت وارث سوى الأبوين { فَلأُمّهِ ٱلثُّلُثُ } يعني للأم ثلث المال والباقي للأب. قرأ حمزة والكسائي: (فلإمه) بكسر الألف، لكسر ما قبله، وقرأ الباقون بالضم ثم قال تعالى: { وَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِهِ ٱلسُّدُسُ } يعني، إذا كان للميت إخوة، وقد اتفق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن اسم الإخوة يقع على الاثنين فصاعداً، إلا في قول ابن عباس: ثلاثة فصاعداً، واتفقوا أن الذكور والإناث فيه سواء فيكون للأم السدس، والباقي للأب: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ } يعني أن قسمة المواريث من بعد وصية { يُوصِي بِهَا } الميت { أَوْ دَيْنٍ } يعني بعد قضاء الدين، وإنفاذ الوصية.