الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } * { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }

ثم قال: { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ } وهو ما يتناجون فيما بينهم ويقال: في كثير من أحاديثهم، وهم وفد ثقيف، أو قوم طعمة. { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ } يقول: إلا نجوى من أمر بصدقة { أَوْ مَعْرُوفٍ } يعني لقرض، كقولهفَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ } [النساء: 6] ويقال: المعروف، يعني القول بالمعروف والنهي عن المنكر، { أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } يعني يذهب فيما بين اثنين ليصلح بينهما { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } الذي ذكرنا { ٱبْتِغَاء } يعني طلباً { مَرْضَاتَ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } يعني في الآخرة { أَجْراً عَظِيماً } قرأ حمزة وأبو عمرو: (نؤتيه) بالياء، أي يؤتيه الله تعالى وقرأ الباقون (نؤتيه) بالنون، أي نحن نعطيه في الآخرة أجراً عظيماً، أي ثواباً عظيماً، قوله تعالى: { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } يعني يخالفه في التوحيد { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ } أي من بعد ما تبين لهم التوحيد { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي يتبع ديناً غير دين المؤمنين، ويقال: يتبع طريقاً أو مذهباً غير طريق المؤمنين، وفي الآية دليل: أن الإجماع حجة، لأن من خالف الإجماع، فقد خالف سبيل المؤمنين، وقال الضحاك: قدم نفر من قريش المدينة وأسلموا، ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين، فنزلت هذه الآية: { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ } أي دين الإسلام، { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المسلمين { نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ } نكله إلى الأصنام يوم القيامة، وهم لا يملكون لهم ضراً، ولا نفعاً، ولا ينجونهم من عذاب الله تعالى، وقال مقاتل: { نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ } أي نتركه وما اختار لنفسه، وقال الكلبي: { نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ } يعني نوله في الآخرة ما تولى في الدنيا، وهذا كما قال بعض الحكماء: من أراد أن يعلم كيف يعامل معه في الآخرة فلينظر، كيف يعامل هو في الدنيا، وقال الكلبي: نزلت الآية في شأن طعمة، لما ظهر حاله وسرقته، هرب إلى مكة، وارتد، فنقب بمكة حائطاً لرجل، فسقط حجر، فبقي في النقب حتى وجدوه على حاله، فأخرجوه من مكة، فخرج إلى الشام، فسرق بعض أموال القافلة، فرجموه، وقتلوه، فنزل قوله: { نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ }. { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }. قرأ حمزة وعاصم، وأبو عمرو: (نوله، ونصله) بجزم الهاء وقرأ الباقون: بالكسر، وهما لغتان.