الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } * { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } * { وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

قوله تعالى { وَأَنِـيبُواْ إِلَىٰ رَبّكُمْ } يعني ارجعوا له، وأقبلوا إلى طاعة ربكم { وَأَسْلِمُواْ لَهُ } يعني أخلصوا، وأقروا بالتوحيد { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } أي لا تمنعون مما نزل بكم { وَٱتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبّكُـمْ } قال الكلبي: هذا القرآن أحسن ما أنزل إليهم، يعني اتبعوا ما أمرتم به، ويقال أحلوا وحرموا حرامه { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً } أي فجأة { وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } بنزوله { أَن تَقُولَ نَفْسٌ } يعني لكي لا تقول نفس، ويقال معناه: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، خوفاً قبل أن تصيروا إلى حال الندامة وتقول نفس { يَا حَسْرَتَى } يعني يا ندامتا { عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ ٱللَّهِ } يعني تركت وضيعت من طاعة الله، وقال مقاتل: يعني ما ضيعت من ذكر الله، ويقال: يا ندامتاه على ما فرطت في أمر الله { وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ } يعني وقد كنت من المستهزئين بالقرآن في الدنيا، ويقال وقد كنت من اللاهين، وقال أبو عبيدة: في جنب الله، وذات الله واحد { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِى } يعني قبل، أو تقول: لو أن الله هداني، بالمعرفة { لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } أي من الموحدين، يعني لو بين لي الحق من الباطل لكنت من المؤمنين { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ } يعني من قبل أن تقول { لَوْ أَنَّ لِى كَـرَّةً } أي رجعة إلى الدنيا { فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني من الموحدين، يقول الله تعالى { بَلَىٰ قَدْ جَاءتْكَ ءايَـٰتِى } يعني القرآن { فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ } أي تكبرت، وتجبرت عن الإيمان بها { وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } قرأ عاصم الجحدري (بَلَى قَد جَاءَتْكَ آياتِي) يعني القرآن فَكَذَّبْتِ بِهَا وَاسْتَكْبَرتِ وَكُنْتِ كلها بالكسر، وهو اختيار ابن مسعود، وصالح، ومن تابعه من قراء سمرقند، وإنما قرأ بالكسر لأنه سبق ذكر النفس، والنفس تؤنس، وقراءة العامة كلها بالنصب، لأنه انصرف إلى المعنى، يعني يقال للكافر: { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ } يعني قالوا بأن لله شريكاً { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } صار وجوههم رفعاً بالابتداء، ويقال معناه: مسودة وجوههم { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْمُتَكَبّرِينَ } أي مأوى للّذين تكبروا عن الإيمان { وَيُنَجّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ } يعني ينجي الله الذين اتقوا الشرك، من جهنم، قال مقاتل، والكلبي بأعمالهم الحسنة لا يصيبهم العذاب، وقال القتبي: بمنجاتهم، قرأ حمزة والكسائي بِمَفَازَاتِهم بالألف وكذلك عاصم في رواية أبي بكر، والباقون بِمَفَازَتِهم بغير ألف والمفازة: الفوز والسعادة والفلاح، والمفازات جمع { لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوءُ } أي لا يصيبهم العذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } في الآخرة.