الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَـانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ } * { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي ٱنتِقَامٍ }

قال تعالى: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ } أي فلا أحد أظلم ممن كذب على الله بأن معه شريكاً { وَكَذَّبَ بِٱلصّدْقِ إِذْ جَاءهُ } يعني بالقرآن وبالتوحيد، ويقال { وَكَذَّبَ بِٱلصّدْقِ } يعني بالصادق وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ } يعني مأوى للذين يكفرون بالقرآن، فاللفظ: لفظ الاستفهام والمراد به التحقيق كقولهأَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } [التين: 8] { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } أي بالقرآن وَصَدَّقَ به أي أصحابه ويقال وصدق به المؤمنون، وقال القتبي { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } هو في موضع جماعة ومعناه: والذين جاؤوا بالصدق وصدقوا به، وهذا موافق لخبر ابن مسعود، وقال قتادة، والشعبي، ومقاتل، والكلبي { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ } يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَصَدَّقَ بِهِ } يعني المؤمنون، وذكر عن علي بن أبي طالب أنه قال { وَٱلَّذِى جَاء بِٱلصّدْقِ } يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَصَدَّقَ بِهِ } يعني أبو بكر { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } الذين اتقوا الشرك، والفواحش، وقرأ بعضهم وَصَدَقَ بالتخفيف، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الناس كما أنزل عليه ولم يزد في الوحي شيئاً، ولم ينقص من الوحي شيئاً { لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ عِندَ رَبّهِمْ } يعني لهم ما يريدون ويحبون في الجنة { ذَلِكَ جَزَاء ٱلْمُحْسِنِينَ } أي ثواب الموحدين المطيعين المخلصين { لِيُكَـفّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } يعني ليمحو عنهم ويغفر لهم { أَسْوَأَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } يعني أقبح ما عملوا مخالفاً للتوحيد { وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ } أي ثوابهم { بِأَحْسَنِ ٱلَّذِى كَـانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني يجزيهم بالمحاسن، ولا يجزيهم بالمساوىء لأنه ليس لهم ذنب ولا خطايا فلا يجزيهم بمساوئهم { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } قرأ حمزة، والكسائي عِبَادَهُ بالألف بلفظ الجماعة، يعني الذين صدقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن، والباقون عَبْدَه بغير أَلف، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَيُخَوّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } يعني بالذين يعبدون من دونه وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تزال تقع في آلهتنا فاتقِ كيلا يصيبك منها معرة، أو سوء، فنزل { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } الآية، وروى معمر عن قتادة قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى العزى ليكسرها، فمشى إليها بالفأس فقالت له قيمتها يا خالد: احذر فإن لها شدة، لا يقوم لها أحد، فمشى إليها خالد فهشم أنفها بالفأس، ويقال أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ يعني الأنبياء ثم قال { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يعني من يخذله الله عن الهدى فما له من مرشد ولا ناصر { وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلّ } أي ليس له أحد يخذله { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِى ٱنتِقَامٍ } يعني عزيزاً في ملكه ذي انتقام من عدوه.