قال عز وجل: { وَعَجِبُواْ أَن جَاءهُم مٌّنذِرٌ مّنْهُمْ } يعني مخوف منهم، ورسول منهم، يعني من العرب وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا سَـٰحِرٌ كَذَّابٌ } يكذب على الله تعالى أنه رسوله { أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وٰحِداً } يعني كيف يتسع لحاجتنا إلٰه واحد { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } يعني لأمر عجيب، والعرب تحول فعيلاً إلى فعال، وهٰهنا أصله شيء عجيب كما قال في سورة ق{ عَجِيبٌ } [ق: 2] { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } قال الفقيه أبو الليث رحمه الله أخبرنا الثقة بإسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما مرض أبو طالب دخل عليه نفر من قريش فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويقول ويقول، ويفعل ويفعل، فأرسل إليه فانهه عن ذلك، فأرسل إليه أبو طالب وكان إلى جنب أبي طالب موضع رجل فخشي أبو جهل إن جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس إلى جنب عمه أن يكون أرق له عليه، فوثب أبو جهل فجلس في ذلك المجلس، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجد مجلساً إلا عند الباب، فلما دخل قال له أبو طالب: يا ابن أخي إن قومك يشكونك، ويزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول، وتفعل وتفعل، فقال: " يا عم (إني إنما أريد منهم كلمة واحدة) تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العرب والعجم الجزية، فقالوا وما هي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لاَ إلٰهَ إلاَّ الله " فقاموا فزعين، ينفضون ثيابهم ويقولون { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وٰحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْء عُجَابٌ وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } يعني الأشراف من قريش { أَنِ ٱمْشُواْ } يعني امكثوا { وَٱصْبِرُواْ } يعني اثبتوا { عَلَىٰ ءالِهَتِكُمْ } يعني على عبادة آلهتكم { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْء يُرَادُ } يعني لأمر يراد كونه بأهل الأرض، ويقال: إن هذا لشيء يراد يعني لا يكون ولا يتم له { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ } يعني في اليهود والنصارى { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } يعني يختلقه من قبل نفسه، ويقال في قوله { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْء يُرَادُ } يعني أراد أن يكون. ثم قال عز وجل: { أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ٱلذّكْرُ مِن بَيْنِنَا } يعني أخص بالنبوة من بيننا، يقول الله عز وجل { بْل هُمْ فَى شَكّ مّن ذِكْرِى } يعني في ريب من القرآن والتوحيد { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } أي لم يذوقوا عذابي كقوله{ وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِۤيمَـٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ } [الحجرات: 14] أي لم يدخل، فهذا تهديد لهم أي سيذوقوا عذابي ثم قال { أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ } يعني مفاتيح رحمة ربك، يعني مفاتيح النبوة بأيديهم ليس ذلك بأيديهم وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء { ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } يعني بيد الله العزيز في ملكه، الوهاب لمن يشاء بل الله يختار من يشاء للوحي فيوحي الله عز وجل وهي الرسالة لمن يشاء { وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } يعني إن لم يرضوا بما فعل الله تعالى فليتكلفوا الصعود إلى السماء، وقال القتبي: أسباب السماء أي أبواب السماء، كما قال القائل: ولو نال أسباب السماء بسلم، قال: ويكون أيضاً { فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } يعني في الجبال إلى السماء، كما سألوك أن ترقى إلى السماء فتأتيهم بآية وهذا كله تهديد وتوبيخ بالعجز.