الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } * { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } * { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } * { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ } * { هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } * { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } * { هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } * { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } * { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } * { قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } * { وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } * { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } * { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ }

قال عز وجل: { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرٰهِيمَ } فجعل العبد نعت إبراهيم خاصة، كأنه قال واذكر عبدنا، قرأ ابن كثير واذكر (عَبْدَنَا) بغير ألف، وقرأ الباقون (عِبَادَنَا) بالألف، فمن قرأ عبدنا فمعناه (وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا إِبْرَاهِيمَ } فجعل العبد نعتاً لإبراهيم خاصة فكأنه قال { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا إِبْرَاهِيمَ } واذكر { إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } ومن قرأ { عِبَادِنَا } يعني ما بعده مع إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، ويَعْقُوبَ { أُوْلِى ٱلأَيْدِى وَٱلأَبْصَـٰرِ } يعني أولي القوة في العبادة، والأبصار يعني ذوي البصر في أمر الله تعالى قوله عز وجل { إِنَّا أَخْلَصْنٰهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } يعني اختصصناهم بذكر الله تعالى، وبذكر الجنة وليس لهم هم إلا هم الآخرة، ويقال معناه: واذكر صبر إبراهيم، وصبر إسحاق، وصبر يعقوب، ولم يذكر صبر إسماعيل لأنه لم يبتلَ بشيء، قرأ نافع (بِخَالِصَةِ) بغير تنوين على معنى الإضافة، وقرأ الباقون مع التنوين، وروي عن مالك ابن دينار أنه قال: نزع الله ما في قلوبهم من حب الدنيا وذكرها وقد أخلصهم بحسب الآخرة وذكرها، ومن قرأ (بِخَالِصَةٍ) بالتنوين، جعل قوله: { ذِكْرَى ٱلدَّارِ } بدلاً من خالصة، والمعنى إنا أخلصناهم بذكر الدار، والدار هاهنا دار الآخرة، يعني جعلناهم لنا خالصين، بأن جعلناهم يكثرون ذكر الدار والرجوع إلى الله تعالى ثم قال عز وجل: { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } يعني المختارين للرسالة، الأخيار في الجنة ثم قال { وَٱذْكُرْ إِسْمَـٰعِيلَ } قال مقاتل: واذكر صبر إسماعيل وهو أشمويل بن هلفانا، وقال غيره هو إسماعيل بن إبراهيم، يعني اذكر لقومك صبر إسماعيل، وصدق وعده { وَٱلْيَسَعَ، وَذَا ٱلْكِفْلِ } واليسع كان خليفة إلياس، وذا الكفل كفل مائة نبي أطعمهم وكساهم { وَكُلٌّ مّنَ ٱلأَخْيَارِ هَـٰذَا ذِكْرُ } يعني هذا الذي ذكرنا من الأنبياء عليهم السلام في هذه السورة ذكر يعني بيان لعظمته { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } من هذه الأمة { لَحُسْنَ مَـئَابٍ } يعني حسن المرجع. ثم وصف الجنة فقال عز وجل { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأبْوَابُ } يعني تفتح لهم الأبواب فيدخلونها يعني الجنة، كما قال تعالى في آية أخرى:حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } [الزمر: 73] فإذا دخلوها وجلسوا على السرر، وكانوا { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } يعني ألوان الفاكهة، والشراب { وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ } يعني غاضات أعينهن عن غير أزواجهن { أَتْرَابٌ } يعني ذات أقران أي مستويات على سن واحد { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } يقول { إِنَّ هَذَا } يعني إن هذا الثواب الذي توعدون بأنه يكون لكم في يوم الحساب وقرأ ابن كثير، وأبو عمر، بالياء على معنى الاخبار عنهم، وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة، يقول الله تعالى { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا } يعني إن هذا الذي ذكرنا لعطاؤنا للمتقين { مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } يعني لا يكون له فناء، ولا انقطاع عنهم، وهذا كما قال تعالى:

السابقالتالي
2