الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } * { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }

قوله عز وجل { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ } يعني واذكر صبر عبدنا أيوب { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } يعني دعا ربه { أَنِّى مَسَّنِىَ ٱلشَّيْطَـٰنُ } يعني أصابني الشيطان { بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } وهو المشقة والعناء والأمراض، وعذاب في ماله، يعني هلاك أهله وماله، وقد ذكرناه في سورة الأنبياء قوله عز وجل { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا } يعني قال له جبريل اضرب الأرض برجلك، فضرب، فنبعت عين من تحت قدميه فاغتسل فيها، فخرج منها صحيحاً، ثم ضرب برجله الأخرى، فنبعت عين أخرى ماء عذب بارد فشرب منها فذلك قوله هذا { مُغْتَسَلٌ } يعني الذي اغتسل منها ثم قال: { بَارِدٌ وَشَرَابٌ } يعني الذي شرب منها قوله عز وجل: { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِى ٱلأَلْبَـٰب، وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً } يعني قبضة من سنبل فيها مائة سنبلة وقال الكلبي: ضغثاً: أي مجتمعاً، وقال مقاتل: الضغث القبضة الواحدة، فأخذ عيداناً رطبة من الآس فيه مائة عود، وقال القتبي: الضغث، الحزمة من العيدان والكلأ { فَٱضْرِب بّهِ } يعني اضرب به امرأتك { وَلاَ تَحْنَثْ } في يمينك، وقال الزجاج: قالت امرأته لو ذبحت عناقاً باسم الشيطان، فقال لا، وَلاَ كَفّاً مِن تُرَاب، وحلف أنه يضربها مائة سوط، وأمر بأن يبر في يمينه { إِنَّا وَجَدْنَـٰهُ صَابِراً } على البلاء الذي ابتليناه { نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } يعني مقبل على طاعة ربه، وقال وهب بن منبه: أصاب أيوب البلاء سبع سنين، ومكث يوسف في السجن سبع سنين، ويقال إنه أواب، لما هلك ماله قال كان ذلك من عطاء الله، ولما هلك أولاده قال: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ولما ابتلي بالنفس قال: إني له ويقال: واذكر أنت يا محمد، صبر عبدنا أيوب إذ ضاق صدرك من أذى الكفار، وأمر أمتك ليذكروا صبره، ويعتبروا، ويصبروا.