الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } * { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } * { وَٱلشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّآءٍ وَغَوَّاصٍ } * { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } * { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ }

قوله عز وجل: { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً } أي أعطني ملكاً { لاَّ يَنبَغِى لأَحَدٍ مّن بَعْدِى } قال سعيد ابن جبير: أعطني ملكاً لا تسلبه كما سلبت في المرة الأولى، ويقال: إنما تمنى ملكاً لا يكون لأحد من بعده، حتى يكون ذلك معجزة له، وعلامة لنبوته { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } يعني المعطي الملك قوله عز وجل { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ } وكان من قبل ذلك لم تسخر له الريح، والشياطين، فلما دعا بذلك سخرت له الريح والشياطين، فقال: { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ } يعني بأمر سليمان ويقال بأمر الله تعالى { رُخَاء } يعني لينة مطيعة { حَيْثُ أَصَابَ } يعني حيث أراد من الأرض والنواحي، أصاب يعني أراد، وقال الأصمعي العرب تقول: أصاب الصواب فأخطأ الجواب، يعني أراد الصواب فأخطأ الجواب { وَٱلشَّيَـٰطِينَ } يعني سخرنا له كل شيء، وسخرنا له الشياطين أيضاً { كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ } يعني يغوصون في البحر ويستخرجون اللؤلؤ، وقال مقاتل: وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر { وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ } يعني مردة الشياطين موثقين { فِى ٱلأَصْفَادِ } يعني في الحديد، ويقال: الأصفاد: الأغلال ثم قال عز وجل { هَـٰذَا عَطَاؤُنَا } يعني هذا عطاؤنا لك، وكرامتنا عليك { فَٱمْنُنْ } يعني اعتق من شئت منهم، فخل سبيله من الشياطين { أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } يعني احبس في العمل، والوثاق، والسلاسل من شئت منهم { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي فلا تبعة عليك في الآخرة فيمن أرسلته، وفيمن حبسته، ويقال ليس عليك بذلك إثم { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } يعني لقربى { وَحُسْنُ مَـئَابٍ } يعني: حسن المرجع.