الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } * { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } * { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

قوله عز وجل: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من الخلق { بَـٰطِلاً } يعني عبثاً لغير شيء بل خلقناهما لأمر هو كائن { ذٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني يظنون أنهما خلقتا لغير شيء، وأنكروا البعث { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } يعني جحدوا، من النار يعني من عذاب النار { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } وذلك أن كفار مكة قالوا إنا نعطى في الآخرة من الخير أكثر مما تعطون، فنزل { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } في الثواب { كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني كالمشركين وقال في رواية الكلبي نزلت في مبارزي يوم بدر { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } يعني علياً وحمزة، وعبيدة رضي الله عنهم { كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد، ويقال: نزلت في جميع المسلمين، وجميع الكافرين، يعني لا نجعل جزاء المؤمنين كجزاء الكافرين في الدنيا والآخرة، كما قال في آية أُخرى:أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَوَآءً } [الجاثية: 21] ثم قال عز وجل: { أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } يعني كالكفار في الثواب، اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الوعيد ثم قال عز وجل { كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ } يعني أنزلنا جبريل عليه السلام به إليك { مُّبَارَكٌ } يعني كتاب مبارك فيه مغفرة للذنوب لمن آمن به وصدقه وعمل بما فيه { لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ } أي لكي يتفكروا في آياته، قرأ عاصم في إحدى الروايتين (لِتَدَبَّرُوا) بالتاء مع النصب وتخفيف الدال، وهو بمعنى: لتتدبروا، فحذفت إحدى التاءين وتركت الأخرى خفيفة، وقراءة العامة (لِيَدَّبَّرُوا) بالياء وتشديد الدال، وهو بمعنى ليتدبروا، فأدغمت التاء في الدال وشددت ثم قوله عز وجل { وَلِيَتَذَكَّرَ } يعني وليتعظ بالقرآن { أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ } يعني ذوو العقول من الناس.