الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } * { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } * { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } * { أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } * { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } * { فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } * { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } * { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } * { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } * { قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } * { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } * { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ }

قال عز وجل: { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ } يعني: أضل إبليس قبلهم { أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ } يعني: من الأمم الخالية، ولم يذكر إبليس لأن في الكلام دليلاً عليه فاكتفى بالإشارة، ومثل هذا كثير في القرآن ثم قال عز وجل: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } يعني: رسلاً ينذرونهم، كما أرسلناك إلى قومك، فكذبوهم بالعذاب، كما كذبك قومك، فعذبهم الله تعالى في الدنيا { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } يعني: آخر أمر من أنذر فلم يؤمن { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } يعني: الموحدين المطيعين فإنهم لم يعذبوا قوله عز وجل: { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ } يعني: دعا نوح ربه على قومه، وهو قوله:أَنى مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [القمر: 10] { فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } يعني: نعم المجيب أنا { وَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } يعني: من الهول الشديد وهو الغرق، قوله: { وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَـٰقِينَ } لأن الذي حمل معه من الناس ثمانون رجلاً وامرأة، غرقوا كلهم ولم يبق إلا ولده سام، وحام، ويافث قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثنا أبو جعفر قال حدثنا أبو القاسم الصغار بإسناده عن سمرة بن جندب قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم " ثم قال تعالى: { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى ٱلآخِرِينَ } يعني: أبقينا عليه ذكراً حسناً في الباقين من الأمم، وهذا قول القتبي، وقال مقاتل يعني: أثنينا على نوح بعد موته ثناء حسناً ثم قال عز وجل: { سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِى ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني: السعادة والبركة على نوح من بين العالمين { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني: هكذا نجزي كل من أحسن { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: المصدقين بالتوحيد { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلأخَرِينَ } يعني: قومه الكافرين.

قوله عز وجل: { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرٰهِيمَ } قال مقاتل: يعني: إبراهيم من شيعة نوح عليه السلام وعلى ملته، وقال الكلبي يعني من شيعة محمد - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم، وعلى دينه ومنهاجه، وذكر عن الفراء أنه قال هذا جائز، وإن كان إبراهيم قبله كما قال:حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } [يس: 41] يعني: آباءهم، ذريته الذين هو منهم، قوله عز وجل: { إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } يعني: إبراهيم دعا ربه بقلب سليم أي: خالص [ويقال: إذ جاء ربه بقلب سليم أي مخلص] سليم من الشرك { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } يعني: إيش الذي تعبدون، ويقال: معناه لماذا تعبدون هذه الأوثان قوله عز وجل: { أَئِفْكَاً ءَالِهَةً } يعني: أكذباً آلهة { دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } عبادتها { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } إذا عبدتم غيره، فما ظنّكُم به إذ لقيتموه { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى ٱلنُّجُومِ } قال مقاتل: يعني: في الكواكب [ويقال فنظر نظرة في النجوم، أي في أمر النجوم ثم تفكر بالعين وبالقلب] وذلك أنه رأى كوكباً قد طلع { فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ } أي: سأسقم ويقال مطعوناً وهو قول سعيد بن جبير والضحاك وقال القتبي: نظر في الحساب لأنه لو نظر إلى الكواكب، لقال: نظر نظرة إلى النجوم وإنما يقال نظر فيه، إذا نظر في الحساب { فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ } أي سأمرض غداً وكانوا يتطيرون من المريض، فلما سمعوا ذلك منه هربوا، فذلك قوله تعالى: { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا خزيمة قال حدثنا عيسى بن إبراهيم قال حدثنا ابن وهب عن جرير بن حازم عن أيوب السجستاني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

السابقالتالي
2