الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } * { فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } * { فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً } * { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ }

قوله تبارك وتعالى: { وَٱلصَّـٰفَّـٰتِ صَفَّا } قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى { وَٱلصَّـٰفَّـٰتِ صَفَّا } قال أقسم الله تعالى بصفوف الملائكة الذين في السموات، كصفوف المؤمنين في الصلاة. ويقال يعني صفوف الغزاة في الحرب كقوله عز وجل:صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَـٰنٌ مَّرْصُوصٌ } [الصف: 4] ويقال: بصفوف الأمم يوم القيامة لقوله عز وجل:وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَا } [الكهف: 48] ويقال: صف الطيور بين السماء والأرض صافات بأجنحتها لقولهوَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ } [النور: 41] ويقال: صفوف الجماعات في المساجد، وفي الآية بيان فضل الصفوف، حيث أقسم الله بهن، ثم قال عز وجل { فَٱلزجِرٰتِ زَجْراً } يعني: الملائكة الذين يزجرون السحاب ويؤلفونه ويسوقونه إلى البلد الذي لا مطر بها، ويقال { فَٱلزجِرٰتِ } يعني فالدافعات وهم الملائكة الذين يدفعون الشر عن بني آدم موكلون بذلك ويقال فالزاجرات يعني ما زجر الله تعالى في القرآن بقوله:لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَا } [آل عمران: 130]وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَٰلِكُمْ } [النساء: 2] ويقال هي التوراة والإنجيل، والزبور، والفرقان، وما كان من عند الله من كتب ويقال: فالزجرات زجراً، يعني هم الأنبياء والرسل، والعلماء، يزجرون الناس عن المعاصي، والمناهي، والمناكر { فَٱلتَّـٰلِيَـٰتِ ذِكْراً } يعني: الملائكة، وهو جبريل يتلو القرآن على الأنبياء، ويقال: هم المؤمنون الذين يقرؤون القرآن، ويقال: فالتاليات ذكراً، قال هم الصبيان يتلون في الكتاب من الغدوة إلى العشية، كان الله تعالى يحول العذاب عن الخلق ما دامت تصعد هذه الأربعة إلى السماء، أولها أذان المؤذنين والثاني تكبير المجاهدين، والثالث تلبية الملبين، والرابع صوت الصبيان في الكتاب وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال { وَٱلصَّـٰفَّـٰتِ صَفَّا } قال الملائكة { فَٱلزجِرٰتِ زَجْراً } قال الملائكة { فَٱلتَّـٰلِيَـٰتِ ذِكْراً } قال الملائكة، وهكذا قال مجاهد قد أقسم الله بهذه الأشياء { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } ويقال: أقسم (بنفسه فكأنه يقول وخالق هذه الأشياء إن إلهكم لواحد يعني: ربكم، وخالقكم) ورازقكم لواحد { رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ } يعني: الذي خلق السماوات { وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ } من خلق { وَرَبُّ ٱلْمَشَـٰرِقِ } يعني: مشرق كل يوم وقال في آية أخرى:رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } [الرحمن: 17] أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف وقال في هذه السورة { رَبّ ٱلْمَشَـٰرِقِ } أي مشرق كل يوم.