الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } * { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا } يعني: قد مضت كلمتنا بالنصرة لعبادنا { ٱلْمُرْسَلِينَ } يعني: الأنبياء عليهم السلام وهو قوله عز وجل:كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِىۤ } [المجادلة: 21] { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } في الدنيا على أعدائهم { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } يعني: المؤمنون أهل ديننا، ويقال: رسلنا لهم الغالبون في الدنيا بالغلبة والحجة في الآخرة { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } يعني: فأعرض عنهم إلى نزول العذاب، وكان ذلك قبل أن يؤمر بالقتال { حَتَّىٰ حِينٍ } قال الكلبي: إلى فتح مكة، ويقال إلى أن تؤمر بالقتال { وَأَبْصَـٰرِهِمْ } يعني: أعلمهم ذلك { فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } يعني: يرون ماذا يفعل بهم إذا نزل بهم العذاب { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } يعني: أفبعذاب مثلي يستعجلون { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } يعني: بقربهم وحضرتهم { فَسَاء صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } يعني: بئس الصباح، صباح من أُنذر بالعذاب، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه لما نزل بقرب خيبر قال: " هَلَكَت خَيبر، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرينَ " يعني: من أنذرتهم فلم يؤمنوا قوله عز وجل: { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } وتكرار الكلام للتأكيد، والمبالغة في الحجة، ثم نزه نفسه عما قالت الكفار، فقال عز وجل: { سُبْحَـٰنَ رَبّكَ } يا محمد { رَبِّ ٱلْعِزَّةِ } والقدرة { عَمَّا يَصِفُونَ } يعني: عما يقولون وقرىء في الشاذ (رَبَّ العِزَّةِ) ويكون نصباً على المدح، وفي الشاذ قرىء (رَبُّ العِزَّة) بالرفع على معنى هو رب العزة، وقراءة العامة بالكسر على معنى النعت ثم قال عز وجل: { وَسَلَـٰمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ } بتبليغ الرسالة، ففي الآية دليل وتنبيه للمؤمنين بالتسليم على جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام ثم قال: { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } على هلاك الكافرين، الذين لم يوحدوا ربهم، ويقال: حمد الرب نفسه ليكون دليلاً لعباده ليحمدوه سبحانه وتعالى، والحمد لله رب العالمين.