الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } * { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ } * { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

قال عز وجل: { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً } يعني: وصفوا بين الرب وبين الملائكة نسباً، حين زعموا أنهم بناته، ويقال جعلوا بينه وبين إبليس قرابة وروى جبير عن الضحاك قال: قالت قريش: إن إبليس أخو الرحمن، وقال عكرمة { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً } قالوا الملائكة بنات الله، وجعلوهم من الجن، وهكذا قال القتبي ثم قال: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ } قال مقاتل والكلبي: يعني: علمت الملائكة الذين قالوا إنهم البنات { إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أن من قال إنهم بناته، لمحضرون في النار ويقال لو علمت الملائكة، أنهم لو قالوا بذلك أدخلوا النار ثم قال عز وجل: { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } يعني: تنزيهاً لله عما يصف الكفار، ثم استثنى على معنى التقديم والتأخير يعني: فقال إنهم لمحضرون { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } يعني: الموحدين فإنهم لا يقولون ذلك ثم قال عز وجل: { فَإِنَّكُمْ } يا أهل مكة { وَمَا تَعْبُدُونَ، مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَـٰتِنِينَ } يعني: ما أنتم عليه بمضلين أحداً بآلهتكم { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } يعني: إلا من قدر الله له أن يصلى الجحيم، ويقال إلا من كان في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم، ويقال: إلا من قدرت عليه الضلالة، وعلمت ذلك منه، وأنتم لا تقدرون على الإضلال والهدى { وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } يعني: قل يا جبريل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما منا معشر الملائكة إلا له مقام معلوم، يعني مصلى معروفاً في السماء يصلي فيه، ويعبد الله تعالى فيه { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّافُّونَ } يعني: صفوف الملائكة في السماوات، وروي عن مسروق، عن ابن مسعود قال: " إن في السماوات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليه جبهة ملك ساجد وروي أو قدماه، وروي عن مجاهد عن أبي ذر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " أطَت السَّمَاءُ وَحُقَّ لَها أنْ تَئِط، مَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْر إلاَّ وَفِيهِ جَبْهَةُ مَلَك سَاجِد " ويقال إن جبريل عليه السلام، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له:أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَىِ ٱللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ } [المزمل:20] وما منا إلا له مقام معلوم في السموات يعبد الله عز وجل فيه، { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } يعني: المصلين { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِندَنَا } يعني: إن أهل مكة كانوا يقولون لو أتانا بكتاب مثل اليهود والنصارى، لكنا نؤمن، فذلك قوله عز وجل لَوْ أَنَّ عِندَنَا { ذِكْراً مّنَ ٱلأَوَّلِينَ } يعني: لو جاءنا رسول { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } يعني: الموحدين، فلما جاءهم محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفروا به ويقال يعني: بالقرآن { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } يعني: يعرفون في الآخرة، وهذا وعيد لهم، ويقال في الدنيا.