الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } * { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }

قال عز وجل: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } يعني: ما بين أيديكم من أمر الآخرة. فاعملوا لها، وما خلفكم من أمر الدنيا فلا تغتروا بها، وقال مقاتل: { ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } لكيلا يصيبكم مثل عذاب الأمم الخالية { وَمَا خَلْفَكُمْ } يعني: واتقوا ما بين أيديكم أي: من عذاب الآخرة، والأول قول الكلبي ثم قال: { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يعني: لكي ترحموا فلا تعذبوا { وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ } مثل انشقاق القمر { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } يعني: مكذبين وهذا جواب لقوله عز وجل: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } الآية، ثم أخبر عن حال زنادقة الكفار فقال عز وجل: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱللهُ } يعني: تصدقوا من المال الذي أعطاكم الله عز وجل. { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } على وجه الاستهزاء منهم { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } يعني: في خطأ بين، قال بعضهم هذا قول الكفار الذين أمرهم بالنفقة وقال بعضهم: هذا قول الله تعالى يعني قل لهم يا محمد، إن أنتم إلا في ضلال مبين، وروي عن ابن عباس مثل هذا ثم قال عز وجل: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } يعني: متى هذا الوعد الذي تعدونا به يوم القيامة إن كنتم صادقين بأنا نبعث بعد الموت فيقول الله تعالى: { مَا يَنظُرُونَ } بالعذاب { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } يعني: لا حظر لإهلاكهم فليس إلا صيحة واحدة { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } قرأ عاصم في رواية أبي بكر، يخصمون بكسر الياء والخاء، وقرأ نافع يخصمون بنصب الياء وسكون الخاء وقرأ الكسائي وعاصم في رواية حفص وابن عامر في إحدى الروايتين بنصب الياء وكسر الخاء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بنصب الياء والخاء وقراءة حمزة (يَخْصِمُونَ) بنصب الياء وجزم الخاء بغير تشديد، ومعناه تأخذهم وبعضهم يخصم بعضاً، ومن قرأ بالتشديد فالأصل فيه يختصمون فأدغمت التاء في الصاد وشددت ومن قرأ بنصب الخاء طرح فتحة التاء على الخاء، ومن قرأ بكسر الخاء فلسكونها وسكون الصاد. وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص لينفخن في الصور والناس في طرقهم، وأسواقهم حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله واحد منهما حتى ينفخ في الصور فيصعق به، وهي التي قال الله تعالى: { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } قال الفقيه أبو الليث رحمه الله وأخبرني الثقة بإسناده عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " تقوم الساعة والرجلان يتبايعان الثوب فلا يطويانه ولا يتبايعانه، وتقوم الساعة والرجل يحلب الناقة فلا يصل الإناء إلى فيهِ، وتقوم الساعة وهو يلوط الحوض فلا يسقي فيه "

السابقالتالي
2