قال عز وجل: { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِكْرَ } يعني تخوف بالقرآن من اتبع الذكر، يعني من قبل الموعظة وسمع القرآن { وَخشِىَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } يعني أطاعه في الغيب { فَبَشّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ } في الدنيا { وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } في الآخرة ثم قال عز وجل: { إِنَّا نَحْنُ نُحْيىِ ٱلْمَوْتَىٰ } يعني نبعثهم في الآخرة { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ } يعني نحفظ ما أسلفوا، وما عملوا من أعمالهم، ويقال { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ } يعني تكتب أعمالهم الكرام الكاتبون، وما عملوا من خير أو شر { وَءاثَارَهُمْ } يعني ما استنوا من سنة خير أو شر عملوه، واقتدى بهم من بعدهم، فلهم مثل أجورهم أو عليهم مثل أوزارهم، من غير أن ينقص منه شيئاً، وهذا كقوله عز وجل{ يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القيامة: 13]، وهذا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ " إلى آخره، وقال مجاهد: { وَءاثَارَهُمْ } يعني خطأهم، وروى مسروق أنه قال: مَا خَطَا عَبْدٌ خُطْوَةً إلاَّ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ أوْ سَيّئَةٌ، وروي عن جابر بن عبد الله أنه قال: إن بني سلمة ذكروا للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد منازلهم من المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " يا بني سلمة دياركم فإنما تكتب آثاركم " ثم قال: { وَكُلَّ شىْء أَحْصَيْنَـٰهُ } أي حفظناه وبيَّناه { فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ } يعني في اللوح المحفوظ.