الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ }

قال عز وجل: { وَٱللَّهُ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَـٰباً } أي ترفعه وتهيجه { فَسُقْنَاهُ } يعني: نسوقه { إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } يعني: بعد يبسها { كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } يعني: هكذا تحيون بعد الموت يوم القيامة وروي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن ابن الزبعرى عن عبد الله بن مسعود أنه قال تقوم الساعة على شرار الناس ثم يقوم ملك بالصور فينفخ فيه فلا يبقى خلق في السماوات والأرض إلا مات إلا ما شاء الله ثم يكون بين النفختين ما شاء الله فيرسل الله الوباء من السماء من تحت العرش كمني الرجال فتنبت لحومهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الندا ثم قرأ: { فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } ثم ينفخ في الصور قوله عز وجل: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } يعني: من طلب العزة بعبادة الأوثان فليتعزز بطاعة الله عز وجل فإن العزة لله جميعاً يقول من يتعزز بإذن الله، ويقال: معناه من كان يريد أن يعلم لمن تكون العزة فليعلم بأن العزة لله جميعاً، ويقال: من كان يطلب لنفسه العزة فإن العزة لله جميعاً ثم قال: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيّبُ } قال مقاتل: يصعد إلى السماء كلمة التوحيد { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرْفَعُهُ } يقول التوحيد يرفع العمل الصالح إلى الله تعالى في السماء فيها تقديم، وقال الحسن البصري العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله عز وجل فإذا كان الكلام الطيب عملاً غير صالح يرد القول إلى العمل لأنه أحق من القول، وقال قتادة: والعمل الصالح يرفعه، قال الله: يرفعه، ويقال: العمل الصالح يرفعه لصاحبه، ويقال: يرفعه يعني: يعظمه، ويقال: العمل الصالح يرفعه أي يقبل الأعمال بالإخلاص معناه العمل الخالص الذي يقبله ثم قال: { وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيّئَاتِ } أي: يعملون بالشرك، ويقال يعملون بالرياء لا يقبل منهم { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } في الآخرة { وَمَكْرُ أُوْلَـئِكَ هُوَ يَبُورُ } يعني: شرك أولئك وفسقهم وصنيعهم يهلك صاحبه في الآخرة، يقال بارت السلعة إذا كسدت لأنها إذا كسدت فقد تعرضت للهلاك ثم قال عز وجل: { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } يعني: آدم عليه السلام وهو أصل الخلق { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } يعني: خلقكم من نطفة { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوٰجاً } يعني: أصنافاً ذكراً وأنثى، ويقال: أصنافاً أحمر وأبيض وأسود يعني فاذكروني ووحدوني { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ } ومن صلة في الكلام { وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } يعني: بمشيئته { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ } فيطول عمره { وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ } يعني: إلا وكل ذلك في كتاب الله أي قد بين في اللوح المحفوظ وروي عن ابن عمر أنه قرأ من عمره بجزم الميم، وهما لغتان مثل نكر ونكر { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } يعني: حفظه على الله هيَّن بغير كتابة.