الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } * { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } * { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }

قال عز وجل: { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } يعني: زيد بن حارثة قد أنعم الله عز وجل عليه بالإسلام { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بالعتق { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } قال قتادة: جاء زيد بن حارثة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن زينب اشتد علي لسانها وإني أريد أن أطلقها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ " وكان يحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطلقها وخشي مقالة الناس أن أمره بطلاقها فنزلت هذه الآية وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إلى زيد بن حارثة يطلبه في حاجة له فإذا زينب بنت جحش قائمة في درع وخمار فلما رآها أعجبته ووقعت في نفسه فقال: " سبحان الله مقلب القلوب ثبت قلبي " فلما سمعت زينب جلست فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما جاء زيد ذكرت ذلك له فعرف أنها أعجبته ووقعت في نفسه وأعجب بها رسول الله فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال يا رسول الله إن زينب امرأة فيها كبر تعصي أمري ولا تبر قسمي فلا حاجة لي فيها فقال له " اتق الله يا زيد في أهلك وأمسك عليك زوجك " وكان يحب أن يطلقها فطلقها زيد ونزلت هذه الآية { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ } { وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ } يعني: تسر في نفسك ليت أنه طلقها { مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } يعني مظهره عليك حتى ينزل به قرآناً { وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ } يعني: تستحي من الناس ويقال وتخشى مقالة الناس { وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـٰهُ } في أمرها قال الحسن: ما أنزل الله عز وجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - آية أشد منها ولو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتمها ثم قال { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً } يعني: حاجة { زَوَّجْنَـٰكَهَا } فلما انقضت عدتها تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحسن: فكانت زينب تفتخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فتقول: أما أنتن فزوّجكن آباؤكن وأما أنا فزوجني رب العرش تعني: قوله: { زَوَّجْنَـٰكَهَا } { لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ } يعني: لكيلا يكون على الرجل حرج بأن يتزوج امرأة ابنه الذي يتبنّاه { فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } يعني: حاجة { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } تزوُّج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها كائن لا بد واللام للزيادة وكي مثله فلو كان أحدهما لكان يكفي ولكن يجوز أن يجمع بين حرفين زائدين إذا كانا جنسين وإنما لا يجوز إذا كانا من جنس واحد كما قال

السابقالتالي
2