الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } * { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } * { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً }

قوله عز وجل: { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِى بُيُوتِكُـنَّ } يعني: احفظن ما يقرأ عليكن { مِنْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ } يعني: القرآن { وَٱلْحِكْــمَةِ } يعني: أمره ونهيه في القرآن فوعظهن ليتفكرون ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً } لطيف علمه فيعلم حالهن إن خضعن بالقول ويقال لطيفاً أمر نبيه بأن يلطف بهن { خَبِيراً } يعني: عالماً بأعمالهن قوله عز وجل: { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } وذلك أن أم سلمة رضي الله عنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه فأخشى أن لا يكون فيهن خير ولا لله عز وجل فيهن حاجة فنزل { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } ويقال إن النساء اجتمعن وبعثن أنيسة رسولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن الله تبارك وتعالى خالق الرجال والنساء وقد أرسلك إلى الرجال والنساء فما بال النساء ليس لهن ذكر في الكتاب فنزلت هذه الآية وقال قتادة: لما ذكر الله عز وجل أزواج النبي يعني: دخل نِسَاءٌ مسلماتٌ عليهن فقلن ذكرتن ولم نذكر ولو كان فينا خيراً ذكرنا فنزلت هذه الآية { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ } يعني: المسلمين من الرجال والمسلمات من النساء { وَٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني: المصدقين الموحدين من الرجال { وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ } يعني: المصدقات الموحدات من النساء { وَٱلْقَـٰنِتِينَ } يعني: المطيعين وأصل القنوت القيام ثم يكون للمعاني ويكون للطاقة كقوله { وَٱلْقَـٰنِتِينَ } - ويكون للإقرار بالعبودية كقوله:كُلٌّ لَّهُ قَـٰنِتُونَ } [البقرة: 116 والروم: 26] { وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ } أي: المطيعات من النساء { وَٱلصَّـٰدِقِينَ } يعني: الصادقين في إيمانهم من الرجال { وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ } من النساء { وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ } على أمر الله تعالى من الرجال والنساء { وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ } يعني: المتواضعين من الرجال والنساء { وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ } يعني: المنفقين أموالهم في طاعة الله من الرجال والنساء { وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ } قال مقاتل: من صام رمضان وثلاثة أيام من كل شهر فهو من الصائمين والصائمات ثم قال: { وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ } يعني: من الفواحش من الرجال والنساء { وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ } يعني: باللسان من الرجال والنساء فذكر أعمالهم ثم ذكر ثوابهم فقال: { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً } في الدنيا لذنوبهم { وَأَجْراً عَظِيماً } في الآخرة وهو الجنة قوله عز وجل: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } الآية وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لزينب بنت جحش الأسدية وهي بنت عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أميمة بنت عبد المطلب: " إني أريد أن أزوجك من زيد بن حارثة " فقالت: يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أرفع قريش لأنني من قريش وابنة عمتك فنزل { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } يعني: ما جاز لمؤمن يعني زيد بن حارثة ولا مؤمنة يعني زينب بنت جحش { إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً } يعني: حكم حكماً في تزويجهما { أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } يعني: اختيار من أمرهم بخلاف ما أمر الله ورسوله قرأ حمزة والكسائي وعاصم: أن يكون بالياء بالتذكير وقرأ الباقون: بالتاء بلفظ التأنيث فمن قرأ بالتاء فلأن لفظ الخيرة مؤنث ومن قرأ بالياء فإنه ينصرف إلى المعنى ومعناهما الاختيار لتقديم الفعل { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِيناً } فلما سمعت زينب بنت جحش نزول هذه الآية قالت أطعتك يا رسول الله.