الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقَيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَٱنتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ }

قال عز وجل: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ } يعني: يقضي بينهم { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من الدين ثم خوف كفار مكة فقال عز وجل: { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } يعني أو لم يبين لهم الله تعالى وقرىء في الشاذ أو لم نهد لهم بالنون وقرأ العامة بالياء { كَمْ أَهْلَكْنَا } يعني: أو لم نبين لهم الهلاك { مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } يعني: قوم لوط وصالح وهود { يَمْشُونَ فِى مَسَـٰكِنِهِمْ } يعني: يمرون في منازلهم { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ } يعني: في إهلاكهم لآيات لعبرات { أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } أي أفلا يسمعون المواعظ فيعتبرون بها ثم قال عز وجل: { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَاء إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ } يعني اليابسة الملساء التي ليس فيها نبات يقال: أرض جرز أي أرض جدب لا نبات فيها يقال: جرزت الجراد إذا أكلت وتركت الأرض جرزاً { فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً } يعني: نخرج بالماء النبات { تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَـٰمُهُمْ } أي من الكلأ والعشب والتبن { وَأَنفُسُهُمْ } من الحبوب والثمار { أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } هذه العجائب فيوحدوا ربهم قوله عز وجل: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ } قال مقاتل: أي متى هذا القضاء وهو البعث وقال قتادة: الفتح القضاء وقال مجاهد: الفتح يوم القيامة { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } تكذيباً منهم يعنون به النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال عز وجل: { قُلْ } يا محمد { يَوْمَ ٱلْفَتْحِ } يعني: يوم القيامة { لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَـٰنُهُمْ } قال في رواية الكلبي إن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتذاكرون فيما بينهم وهم بمكة قبل فتح مكة لهم وكان ناس من بني خزيمة كانوا إذا سمعوا ذلك منهم يستهزئون بهم ويقولون لهم متى فتحكم هذا الذي كنتم تزعمون ويقولون: فنزل يعني: بني خزيمة { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ } يا أصحاب محمد { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } قل يا محمد يوم الفتح أي فتح مكة لا ينفع الذين كفروا إيمانهم من القتل { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } حتى يقتلوا وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة بعث خالد بن الوليد إلى بني خزيمة وقد كانت بينه وبينهم إحنة في الجاهلية يعني الحقد فقالوا: قد أسلمنا فقال لهم: انزلوا فنزلوا فوضع فيهم السلاح فقتل منهم وأسر فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد " فبعث إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالدية من غنائم خيبر فذلك قوله تعالى: { قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم } من القتل { ولا هم ينظرون } يعني يؤجلون ثم قال عز وجل: { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } يا محمد { وَٱنتَظِرْ } لهم فتح مكة ويقال: العذاب { إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } بهلاكك وروى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ الۤـمۤ تنزيل وتبارك الذي بيده الملك وروى أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من قرأ الۤـمۤ السجدة وتبارك الذي بيده الملك فكأنما أحيى ليلة القدر " والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.