الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } قال ابن عباس في رواية أبي صالح: نزلت في شأن [عبدان] بن الأشوع، وامرىء القيس [بن عابس]، ادّعى أحدهما على صاحبه حقاً، فأراد المدَّعى عليه أن يحلف بالكذب، فنزلت هذه الآية. وقال مقاتل: نزلت في شأن رؤساء اليهود كتموا نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - لأجل منافع الدنيا، ويقال: أن جماعة من علماء اليهود قَدِموا المدينة من الشام ليُسلموا، فلقيهم " كَعْب بن الأشرف " ، فقال لهم: تعلمون أنه نبي؟ قالوا: نعم فقال لهم كعب: حَرَّمْتُم على أنفسكم خيراً كثيراً، لأني كنت أردت أن أَبْعث لكم الهدايا، فقالوا: حتى ننظر في ذلك، فنظروا ثم رجعوا، فقالوا: ليس هو الذي وجدنا صفته، فأخذ منهم إقرارهم وخطوطهم، وأَيْمَانهم على ذلك، ثم بعث إلى كل واحد منهم ثمانية أذرع من الكرباس، وخمسة أصوع من الشعير، فنزل في شأنهم { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } أي عرضاً يسيراً { أُوْلَـئِكَ لاَ خَلَـٰقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } أي لا نصيب لهم في الآخرة { وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ } وقال الزجاج: قوله { وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ } يحتمل معنيين: أحدهما: (إسماع) كلام الله تعالى أولياءه خصوصاً لهم كما كلم موسى (خصوصية) له دون البشر، ويجوز أن يكون تأويله للغضب عليهم، كما يقال: فلان لا يكلم فلاناً، ولا ينظر إليه، أي هو غضبان عليه، وإن كان هو يكلمه بكلام السوء، فذلك معنى قوله " لا يكلمهم " أي: بكلام الرحمة، { وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } [بالرحمة] { وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. ثم قال: { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا } يعني طائفة من اليهود، وهذه اللام لزيادة تأكيد على تأكيد { يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَـٰبِ } أي يحرفون ألسنتهم بالكتاب، يعني بنعت محمد - صلى الله عليه وسلم - ويغيرونه. ويقال: يغيرونه في التلاوة، فيقرأونه على خلاف ما في التوراة ويقال: يحرفون تأويله على خلاف ما فيه { لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } أي من التوراة { وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَـٰبِ } أي من التوراة بل هم كتبوا وهم تأوَّلوا { وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي ليس هو من عند الله { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنه كذب.