الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ } * { فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ }

ثم قال تعالى: { ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } يعني [خبر عيسى]، كما أخبرتك وأنبأتك في القرآن { فَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } أي من الشاكين. [ويقال: المثل الذي ذكر في عيسى هو الحق من ربك، وهذا الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد منه جميع من اتبعه ومعناه فلا تكونوا من الممترين، أي من الشاكين]، يعني إن مثله كمثل آدم - عليهما السلام - { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } وذلك أن النصارى لما أخبرهم بالمثل في حق عيسى عليه السلام قالوا ليس كما تقول، وهذا ليس بمثل، فنزلت هذه الآية { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } يعني خاصمك في أمر عيسى عليه السلام { مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي من البيان في أمره { فَقُلْ: تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ } أي نخرج أبناءنا وأبناءكم، { وَ } نخرج { نِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } [يعني نحن بأنفسنا، ويقال: إخواننا] ونجتمع في موضع { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } أي نلتعن. وقال مقاتل يعني نخلص في الدعاء، ويقال هي المبالغة في الدعاء والتضرع { فَنَجْعَل لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ } فواعدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يخرجوا للملاعنة فجعلوا وقتاً للخروج وتفرقوا على ذلك، ثم ندموا، فلما كان ذلك اليوم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ بيد الحسن والحسين، وخرج معه علي بن أبي طالب، وفاطمة، فلما اجتمعوا في [الموضع] الذي واعدهم، طلب منهم الملاعنة، فقالوا نعوذ بالله، فقال لهم: " إما أن [تلعنوا] وإما أن تسلموا، وإما أن [تؤدوا] الجزية " ، فقبلوا الجزية، وصالحوه بأن يؤدوا كل سنة ألفي حلة [ألف] حلة في المُحَرَّم [وألف] حلة في رجب، وأَمَّرَ عليهم " أبا عبيدة بن الجراح " ، ورجعوا - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " لو أنهم التعنوا لهلكوا كلهم حتى العصافير في سقوف الحيطان ".