الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا بذلك فقال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء } أي يخلقكم كيف يشاء قصيراً أو طويلاً، حسناً أو ذميماً، ذكراً أو أنثى، ويقال: شقيّاً أو سعيداً، وهذا كما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: الشقي من شقي في بطن أمّه، والسعيد من سعد في بطن أمه. ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [يقول]: " الولدُ [يكونه] في بطن أمه يكون نطفة أربعين يوماً، ثم يصير علقة أربعين يوماً، ثم يصير مضغة أربعين يوماً ثم ينفخ فيه الروح، ثم يكتب شقي أم سعيد ". وذكر عن إبراهيم بن أدهم أن القراء اجتمعوا إليه ليسألوا ما عنده من الحديث، فقال لهم إني مشغول بأربعة أشياء، فلا أتفرغ لرواية الحديث، فقيل له: وما ذاك الشغل؟ فقال أحدها: إني أتفكر في يوم الميثاق حيث قال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي فلا أدري من أي الفريقين كنت في ذلك الوقت. والثاني: حيث صوّرني في رحم أمي فقال الملك [الموكل] على الأرحام يا رب شقي [أم] سعيد؟ فلا أدري كيف كان الجواب في ذلك الوقت. والثالث: حيث يقبض روحي ملك الموت فيقول: يا رب أمع الكفار أم مع المؤمنين فلا أدري كيف يخرج الجواب. والرابع حيث يقول:وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } [ يس: 59] فلا أدري من أي الفريقين أكون. ثم قال تعالى { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } يعني لا خالق ولا مصور إلا هو { ٱلْعَزِيزُ } يعني المنيع بالنقمة لمن جحده { ٱلْحَكِيمُ } يحكم [تصوير] الخلق على ما يشاء.