الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

ثم قال تعالى: حكاية عن كفار قومه { وَمَكَرُواْ } يعني أرادوا قتل عيسى - عليه السلام - { وَمَكَرَ ٱللَّهُ } تعالى، أي جازاهم جزاء المكر، { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَـٰكِرِينَ } لأن مكرهم جَوْرٌ، ومكر الله عَدْل. قال الكلبي: وذلك أن اليهود اجتمعوا على قتل عيسى فدخل عيسى عليه السلام البيت هارباً منهم فرفعه جبريل من الكوَّة إلى السماء، كما قال في آية أخرى: { وَأَيَّدْنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } فقال ملكهم لرجل خبيث يقال له يهوذا: ادخل عليه فاقتله، فدخل الرجل الخوخة فلم يجد هناك عيسى، وألقى الله عليه شبه عيسى عليه السلام [فلما خرج رأوه على شبه عيسى]، فأخذوه وقتلوه وصلبوه، ثم قالوا: وجهه يشبه وجه عيسى، وبدنه يشبه بدن صاحبنا، فإن كان هذا [عيسى فأين صاحبنا] وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى؟ فوقع بينهم قتال، فقتل بعضهم بعضاً [فلما خرجوا رأوه على بيت]، فذلك قوله: { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَـٰكِرِينَ }. قال الضحاك: وكانت القصة أن اليهود [خذلهم الله تعالى] لما أرادوا قتل عيسى - عليه السلام - اجتمع الحواريون في غرفة، وهم اثنا عشر رجلاً، فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة، فأخبر إبليسُ جميع اليهود فركب منهم أربعة آلاف رجل [فأحدقوا] بالغرفة، فقال المسيح للحواريين: أيكم يخرج فَيُقْتَلُ وهو معي في الجنة؟ فقال رجل منهم: أنا يا نبي الله فألقى إليه مدرعة من صوف وعمامة من صوف، وناوله عكازه، فألقي عليه شبه عيسى - عليه السلام - فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه، وأما المسيح فكساه الله الريش، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فطار في الملائكة.