الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } * { رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ }

{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ } قال الكلبي: فلما عرف منهم الكفر بالله. ويقال: فلما سمع منهم كلمة الكفر، وقال الزجاج: أحس في اللغة علم ووجد. ويقال: هل أحسست الخبر، أي هل عرفته وعلمته، وقال مقاتل: فلما رأى من بني إسرائيل الكفر، كقوله عز وجل:هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ } [مريم: 98] يعني هل ترى. ويقال: [إنه لما علم] عيسى أنهم أرادوا قتله: { قَالَ: مَنْ أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ } يقول: من أعواني مع الله؟ قال القتبي: إلى [ها هنا]: بمعنى " مع " مثل قوله:وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَٰلِكُمْ } [النساء: 2]، أي مع أموالكم، كما يقال: الذود إلى الذود إبل، أي مع الذود، فقال: { مَنْ أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ } أي مع الله { قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ: نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } قال الكلبي: الحواريون هم أصفياء عيسى - عليه السلام - وكانوا اثني عشر رجلاً، وقال مقاتل: كانوا قَصَّارين فمر بهم عيسى - عليه السلام - وقال { مَنْ أَنصَارِي إِلَى ٱللَّهِ } ، قالوا: نحن أنصار الله، ويقال: إنه مر بهم وهم يغسلون الثياب، فقال لهم: إيش تصنعون؟ قالوا: نطهر الثياب فقال: ألا أدلكم [بطهارة] أنفع من هذا، قالوا نعم، فقال: تَعَالَوْا حتى نطهرَ أنفسنا من الذنوب فبايعوه، ويقال: إنهم كانوا صيادين، فمرَّ بهم وقال: ألا أدلُّكم على اصطياد أنفعَ لكم من هذا، قالوا: نعم، فقال: تَعَالَوْا حتى نصطاد أنفسنا من شر إبليس فبايعوه. وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: إنما سَمُّوا حواريين لبياض ثيابهم، وكانوا صيّادين. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " الزبير: ابْنُ عَمَّتي وَحَوارِيَّ من أُمَّتي " ، يعني به الخالص، فهذا يكون دليلاً لقول الكلبي إنهم خواصه وأصفياؤه. ومعنى آخر: نحن أنصار الله، يعني أنصار دين الله { آمَنَّا بِٱللَّهِ } أي صدقنا بتوحيد الله { وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } يعني أشهدنا لأنه على ذلك، فاشهد يا عيسى بأنا مسلمون. ثم قالوا: { رَبَّنَا ءَامَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ } من الإنجيل على عيسى { وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ } أي عيسى عليه السلام على دينه { فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } يعني اجعلنا مع من أسلم قبلنا، وشهدوا بوحدانيتك.