الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

ثم قال: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام، قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، يعني نحن في المنزلة بمنزلة الأبناء، ولنحن أشدّ حباً لله، فقال الله لنبيه: قل: إن كنتم تحبون الله تعالى { فَٱتَّبِعُونِي } على ديني، فإني رسول الله أؤدي رسالته { يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } قال الزجاج: تحبون الله، أي تقصدون طاعته، فافعلوا ما أمركم الله عز وجل، لأن محبة الإنسان لله وللرسول، طاعته له ورضاه بما أمر، والمحبة من الله عفوه عنهم وإنعامه عليهم برحمته { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ويقال: الحب من الله عصمته وتوفيقه والحب من العباد طاعة، كما قال القائل:
تَعْصي الإلَه وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّه   هَذَا لَعَمْرِي في [القِيَاسِ] بديعُ
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ   إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطيعُ
فلما نزلت هذه الآية قالوا: إن محمداً يريد أن نتخذه حناناً، كما اتخذت النصارى عيسى حناناً فنزلت هذه الآية: { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } فقرن طاعته بطاعة رسوله رغماً لهم ويقال: أطيعوا الله فيما أنزل، والرسول فيما بَيّن، { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني إن أعرضوا عن طاعتهما، { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي لا يغفر لهم.