الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ }

{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ } يقول: إن تسروا ما في قلوبكم من النكوث وولاية الكفار { أَوْ تُبْدُوهُ } يعني تعلنوه للمؤمنين: { يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } لأن الله عليم { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من عمل، فليس يخفى عليه شيء { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } من السر والعلانية والعذاب والمغفرة " قدير ". { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } في الدنيا { مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا } يعني تجد ثوابه حاضراً، ولا ينقص من ثواب عمله شيء { وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ } يعني من شر في الدنيا { تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } يعني تتمنى النفس أن تكون بينها وبين ذلك العمل أجلاً بعيداً، كما بين المشرق والمغرب، ولم تعمل ذلك العمل قط، ثم قال { وَيُحَذّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } أي عقوبته في عمل السوء { وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } قال ابن عباس: يعني بالمؤمنين خاصة وهو رحيم بهم ويقال: رؤوف بالذين يعملون السوء حيث لم يعجّل بعقوبتهم. ويقال: ذكر في أول هذه الآية عدله عز وجل في قوله: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا }. وفي وسطها تخويف وتهديد، وهو قوله { وَيُحَذّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } وفي آخرها ذكر رأفته ورحمته. وهو قوله { وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ }.