الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني أُعْطُوا حظاً من علم التوراة. قال مقاتل: نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة منهم حين قالوا نحن أَهْدَى سبيلاً، وما بعث الله رسولاً بعد موسى - عليه السلام - فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنتم تعلمون أن الذي أقول لكم حق فأَخْرِجُوا التوراة " ، فأَبَوْا، فأنزل الله تعالى هذه الآية { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ } { يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ }. وقال الكلبي: نزلت في يهوديين من أهل خيبر زَنَيَا، وكان الحكم في كتابهم الرجم فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى عليهما بالرجم، فقالوا: ليس هذا [بحكم] الله، فدعا بالتوراة ودعا بابن صوريا، وكان يسكن فَدَك، وكان أعور، فحلَّفه بالله فأقرّ بالقصة، [فأنزل الله تعالى] { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ ٱلْكِتَـٰبِ [يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَـٰبِ ٱللَّهِ] } الآية. ثم قال: { ذٰلِكَ } أي ذلك الجزاء، قال مقاتل فيها تقديم وتأخير، ومعناه: فبشرهم بعذاب أليم { ذٰلِكَ " بِأَنَّهُمْ " [قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ } ويقال: إنما جزاؤهم خلاف الكتاب، لأنهم] قالوا لن تمسنا النار { إِلا أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ } يعني أربعين يوماً على عدد أيام عبادة العجل ويقال على عدد أيام الدنيا، ويقال: إن مذهبهم كان مذهب جَهْم، لأنهم لا يرون الخلود في النار. { وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم } عَفْوُ الله عنهم بتأخير العذاب { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي يكذبون على الله، وهو قولهمنَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [المائدة: 18]، فذلك قولهم الذي غرهم.