الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

ثم قال تعالى: { فَإنْ حَاجُّوكَ } أي خاصموك وجادلوك في الدين { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } أي أخلصت ديني لله. وقال الزجاج: إن الله تعالى أمر نبيه أن يحتج على أهل الكتاب والمشركين بأنه اتبع أمر الله الذي هم أجمعون مقرون أنه خالقهم ورازقهم، فأراهم الآيات والدلالات بأنه رسوله، وقوله: { أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ } أي قصدت بعبادتي الله وأقررت بأنه لا إله غيره { و } كذلك { مِنْ ٱتَّبَعَنِ } وقال القتبي: معنى أسلمت وجهي لله: يعني أسلمت لله، والوجه زيادة، كما قال: " كل شيء هالك إلا وجهه " يعني إلا هو { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني أُعْطُوا التَّوْرَاة والإنْجِيل { وَٱلأُمّيّينَ } يعني مشركي العرب { ءَأَسْلَمْتُمْ } يعني أخلصتم بالتوحيد، ويقال: اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الأمر فكأنه يقول: أَسْلِموا كما قال في آية أخرى: " فَهل أنتم منتهون " يعني انتهوا، وقال [في آية أخرى]أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ } [المائدة: 74] أي توبوا [إلى الله] { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } يعني أخلصوا بالتوحيد [وأسلموا] وصدقوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالكتاب فقد اهتدوا من الضلالة { وَإِن تَوَلَّوْاْ } يقول: إن أَبَوا أن يُسلموا { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ } بالرسالة { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } يعني بأعمالهم، ومعناه: ليس عليك من عملهم شيء، وإنما عليك التبليغ، وقد فَعلتَ ما أمرتَ به.