الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

ثم قال عز وجل: { إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } قرأ الكسائي: " أنَّ الدين " بالنصب على معنى البناء، يعني شهدوا أنه لا إله إلا هو، وأَنَّ الدين عند الله الإسلام، [و] الباقون بالكسر على معنى الابتداء، ومعناه: إن الدين المرضيَّ عند الله الإسلام { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } في هذا الدين { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } يعني بيان أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم اليهود والنصارى فلما بعث الله تعالى محمداً كفروا حسداً منهم، هكذا قال مقاتل. ويقال: إنهم كانوا مسلمين وكانا يسمّون بذلك، وكان عيسى عليه السلام سمى أصحابه مسلمين، فحسدتهم اليهود لمشاركتهم في الاسم فغيَّروا ذلك الإسم، وسُمُّوا يهوداً، وأما النصارى فغيرهم عن ذلك الإسم " بولس " ، وسماهم نصارى فذلك قوله: { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } يعني غَيّروا الاسم حسداً منهم ثم قال: { وَمَن يَكْفُرْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهِ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } لأنه قد جاء في آية أخرىوَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [النحل: 77] وقوله: { سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } يعني سريع المجازاة، ويقال: سريع التعريف للعامل عمله لأنه عالم بجميع ما عملوا لا يحتاج إلى إثبات شيء [وتذكر] شيء. ويقال إذا حاسب فحسابه سريع، يحاسب جميع الخلق في وقت واحد، كل واحد منهم يظن أنه يحاسبه خاصة.