الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

ثم نَعَتَ المتقين فقال { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَٱلضَّرَّاءِ } إلخ الآية، [نعت للمتقين، ويقال: إن كل نعت من ذلك هو نعت على حدة، فكأنه يقول: أعدت للمتقين الذين ينفقون من السراء... إلخ]. قوله: { فِي السَّرَّاءِ وَٱلضَّرَّاءِ } أي ينفقون أموالهم في حال اليسر وفي حال العسر وهذا قول الكلبي وقال مقاتل والضحاك: في حال السعة والشدة. ويقال في حال الصحة والمرض، ويقال: " في السراء " يعني في حال الحياة، " وفي الضراء " يعني بعد الموت ويقال: في سراء المسلمين في عرسهم وولائمهم، " والضراء " في نوائبهم ومآتمهم، ويقال: { فِي السَّرَّاءِ } يعني النفقة التي تسركم، مثل النفقة التي على الأولاد والأقربين، { وَٱلضَّرَّاءِ } النفقة على الأعداء والكاشحين ويقال: { فِي السَّرَّاء } يعني: على الأنبياء يضيفهم، ويهدي إليهم { وَٱلضَّرَّاء } يعني على أهل الضر، يتصدق عليهم. { وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ } يعني (المرددين) الغيظ في أجوافهم وأصله في اللغة: كظم البعير إذا رَدَّد جِرَّتَه، ومعناه الذين إذا أصابهم الغيظ تجاوزوا ولم يعاقبوا. { وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ } قال الكلبي: يعني عن المملوكين ويقال: " والعافين عن الناس " بعد قدرتهم عليهم، فيعفوا عنهم. { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } من الأحرار والمملوكين، ويقال: الذين يحسنون بعد العفو ويزيدون عليه إحساناً. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من كظم غيظاً وهو يقدر على أن ينفذه، ثم لم ينفذه، زوجه الله من الحور العين حيث يشاء " ، وفي خبر آخر: عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: " مَا عَفَى رجلٌ عن مَظْلَمة قَط إِلا زَاده الله بها عزّاً ".