الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }

[قوله تعالى]: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال الضحاك: يعني كفار مكة لما ظهروا يوم أحد فرحوا بذلك فنزل قوله تعالى: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكة { سَتُغْلَبُونَ } بعد هذا { وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ نَارُ جَهَنَّمَ } وقال الكلبي: نزلت في شأن بني قريظة، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هزم المشركين يوم بدر قالت اليهود: هذا النبي الأمّي الذي بشرنا به موسى، الذي نجده في التوراة، فأرادوا تصديقه، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة أخرى له، فلما كان يوم أحد ونكب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: والله ما هو إياه، فقد تغيّرت صفته وحاله، فشكوا فيه ولم يسلموا. وقد كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد، فأنزل الله تعالى: { قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } وقال عكرمة عن عبد الله بن عباس أنه قال: لما أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشاً يوم بدر، وقَدِم المدينة، جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: " يا معشر اليهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب قريشاً " قالوا: يا محمد لا تغرنك نفسك، إنك قتلت نفراً من قريش كانوا أَغماراً لا يعرفون القتال، فإنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله تعالى { قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ [وَتُحْشَرُونَ] } يعني تُهْزمون وتُقْهَرون وتُحْشرون بعد القتل، إلى جهنم { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } يعني لبئس موضع القرار جهنم. قرأ حمزة والكسائي " سَيُغْلبونَ وَيُحشرُون " [بالياء] على معنى الخبر والباقون بالتاء على معنى المخاطبة.