الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله عز وجل: { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ } يعني باطل { وَلَعِبٌ } كلعب الصبيان، ولهو كلهو الشبان، ويقال: فرح لا يبقى للخلق ولا يبقى فيها إلا العمل الصالح روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " إن الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه أو عالماً أو متعلماً " وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مَرَّ بسخلة منتنة فقال والذي نفسي بيده للدنيا على الله أهون من هذه السخلة على أهلها " { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ } يعني هي دار الحياة لا موت فيها { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } يعني لو كانوا يصدقون بثواب الله عز وجل { فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ } يعني في السفن { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } يعني موحدين وتركوا دعاء أصنامهم ويعلمون أنه لا يجيبهم أحد إلا الله تعالى { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرّ } يعني إلى القرار { إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } به قوله عز وجل { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } يعني ما أعطيناهم من النعمة { وَلِيَتَمَتَّعُواْ } قرأ عاصم وأبو عمرو وابن عامر ونافع في رواية ورش وليتمتعوا بكسر اللام وقرأ الباقون بالجزم فمن قرأ بالكسر فمعناه لكي يتمتعوا لأن الكلام عطف على ما قبله يعني يشركون لكي يكفروا ولكي يتمتعوا في الدنيا ومن قرأ بالجزم فهو على معنى التهديد والتوبيخ بلفظ الأمر وتشهد له قراءة أبي كان يقرأ تمتعوا { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } ومعناه وليتمتعوا يعني وليعيشوا فسوف يعلمون إذا نزل بهم العذاب { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ } يعني أو لم يعلموا ويعتبروا { أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } يعني يختلس الناس فيقتلون ويسبون وهم آمنون يأكلون رزقي ويعبدون غيري فكيف أسلط عليهم، إذا أسلموا { أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ } يعني أفبالشيطان يصدقون أن لي شريكاً ويقال أفبالأصنام يؤمنون { وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } يعني وبخالق هذه النعمة ورسوله يجحدون ثم قال عز وجل { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } بأن معه شريكاً { أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقّ } يعني بالقرآن { لَمَّا جَاءهُ } أي حين جاءه { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لّلْكَـٰفِرِينَ } مثوى أي مقاماً للكافرين بالتوحيد كما قالفَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } [الشورى: 7] ثم قال عز وجل { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا } يعني رغبوا في طاعتنا { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } يعني لنعرفنهم طريقنا، ويقال: معناه لنرشدنهم طريق الجنة { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني في العون لهم ويقال والذين عملوا بما علموا لنوفقنهم لما لم يعلموا، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.