الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } * { مَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

ثم قال: { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ } يعني: الشرك والمعاصي { أَن يَسْبِقُونَا } يعني: أن يفوتونا، ويقال: يعجزونا، ويقال: يهربوا منا فلا نجازيهم { سَاء مَا يَحْكُمُونَ } يعني: بئس ما يقضوا لأنفسهم، قال الكلبي: نزلت في عتبة وشيبة والوليد بن عتبة بارزوا يوم بدر فبارزهم من المسلمين علي وحمزة وعبيدة بن الحارث فنزل في شأن مبارزي المسلمين { مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ } يعني: الآخرة لكائن { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } السميع لمقالتهم، العليم بهم وبأعمالهم وقوله عز وجل: { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَـٰهِدُ لِنَفْسِهِ } يعني: علي بن أبي طالب وصاحباه رضي الله عنهم { إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني: عن نصرة العالمين يوم بدر ويقال نزلت في جميع المسلمين من كان يرجو لقاء الله أي يخاف الآخرة، ويقال: يخاف الموت فيستعد للآخرة والموت بالعمل الصالح، فإن أجل الله لآت ويعني كائن وهو السميع لدعائهم العليم بأمر الخلق ومن جاهد يعني: عمل الخيرات فإنما يجاهد لنفسه يعني: ثوابه لنفسه إن الله لغني عن العالمين يعني: عن أعمالهم فإنما ثوابهم لأنفسهم ثم قال عز وجل: { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ } أي: لنمحون عنهم { سَيّئَاتِهِمْ } يعني: ذنوبهم ويقال لنجزينهم يعني: ثواباً أفضل من أعمالهم لكل حسنة عشرة وأكثر، ويقال: لنجزينهم يعني: لنثيبنهم أحسن الذي كانوا يعملون أي أفضل من أعمالهم يعني يجازيهم بأحسن أعمالهم الذي كانوا يعملون في الدنيا فذلك قوله عز وجل: { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } يعني: ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه ما يحسن يعني: براً بهما وقال الكلبي نزلت الآية في سعد بن أبي وقاص لما أسلم قالت له أمه: يا سعد بلغني أنك صبوت إلى دين محمد فوالله لا يظلني سقف بيت وإن الطعام والشراب علي حرام حتى تكفر بمحمد، وترجع إلى دينك الذي كنت عليه فأبى عليها ذلك فثبتت على حالها لا تطعم ولا تشرب ولا تسكن بيتاً فلما خلص إليها الجوع لم تجد بداً من أن تأكل وتشرب فحث الله سعد بالبر إلى أمه ونهاه أن يطيعها على الشرك فقال { وَإِن جَـٰهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي: ما ليس لك به حجة يعني: الشرك { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في الشرك ثم حذره ليثبت على الإسلام فقال { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } يعني: مصيركم في الآخرة { فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني: أخبركم بما كنتم تعملون في الدنيا من خير أو شر وأثيبكم على ذلك.